اتصل بنا
 

تناقضات

كاتب مصري

نيسان ـ نشر في 2016-05-17 الساعة 13:50

التناقض الواضح في خطاب الحكومة المصرية بين الحديث عن حماية استقرار الدولة وممارسات القمع المتراكمة التي تفقد مصداقية الحكومة، وبين الحديث عن وحدة المصريين وتمكين الشباب وسيادة القانون والحرية والتعددية والحرب على الإرهاب وصناعة بيئة مجتمعية قابلة للإرهاب.
نيسان ـ

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل حماية استقرار وتماسك الدولة المصرية فى صدارة أولويات الحكم وبين ممارسات قمعية متراكمة تحد من الثقة الشعبية فى مؤسسات وأجهزة الدولة وتفقدها الكثير من مصداقية القبول العام؟

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل من «وحدة المصريين» المكون الأساسى لقوة المجتمع ولقدرة الدولة على الدفاع عن «المصالح الوطنية والحفاظ على الأمن القومى» وبين مظالم متراكمة تستعدى قطاعات شعبية واسعة من الشباب والطلاب إلى العمال والأطباء والصحفيين وتصطنع وضعية استقطاب يصعب معها إدارة شئون الحكم والناس بكفاءة؟

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل من «دمج وتمكين الشباب» هدفا رئيسيا للحكم وتوجيها علنيا من رأس السلطة التنفيذية لحكومته وبين سلب حرية العديد من الشباب على خلفية مواقفهم السياسية ومن خلال توظيف قوانين ذات طبيعة سلطوية صريحة؟

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل من «سيادة القانون واحترام التعددية وقبول الرأى والرأى الآخر والحفاظ على استقلال المؤسسات التشريعية والقضائية»، المكونات الأساسية لمخاطبة العالم الخارجى لتشجيعه على التعاون مع الحكم فى مصر وعلى جلب الاستثمارات لقطاعاتها الاقتصادية المتباطئة النمو وبين تفريغ سيادة القانون من المضمون بتغول الأجهزة الأمنية وإطلاق يدها القمعية، وإلغاء التعددية بتعقب أصحاب الآراء والتوجهات المعارضة وسلب حريتهم أو إخضاعهم لصنوف أخرى من العقاب، والعصف باستقلال المؤسسات التشريعية والقضائية من خلال استتباعها أمنيا وتعريضها لسطوة الحسابات السياسية؟

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل من «الحرب على الإرهاب» الوجهة الرئيسية لفعله فى الداخل والخارج ويخاطب القوى الإقليمية والعالمية طالبا دعمها لكى لا تتمكن معاول الإرهاب والعنف وعدم الاستقرار من مصر وتضيف (لا قدر الله ذلك أبدا) إلى الكوارث الشرق أوسطية التى تعصف بالسلم والأمن العالميين وبين صناعة بيئة مجتمعية قابلة للإرهاب والعنف بسبب المظالم والانتهاكات المتراكمة وتكميم الأفواه وإلغاء هوامش الحرية فى الفضاء العام؟

ألا ترون التناقض الواضح بين خطاب رسمى يجعل من «ثقة المصريين» فى قدرتهم على تجاوز الأزمات وتحقيق معدلات تنموية مرتفعة وتحسين الظروف المعيشية لأغلبية الناس مرتكزا جوهريا وبين حديث المؤامرات المستمر والخوف من حروب وهمية وأعداء مصطنعين على نحو يوحى بالضعف والهشاشة والخوف من الحاضر والمستقبل؟

هى جميعا تناقضات ذات تداعيات شديدة السلبية ترتبها السلطوية، وغيابها مرهون باستعادة مسار تحول ديمقراطى حقيقى.

الشروق

نيسان ـ نشر في 2016-05-17 الساعة 13:50


رأي: عمرو حمزاوي كاتب مصري

الكلمات الأكثر بحثاً