اتصل بنا
 

صندوق الاستثمار الأردني .. بين سواليف القرايا وحسابات السرايا 

نيسان ـ نشر في 2016-05-18 الساعة 16:47

x
نيسان ـ

محمد قبيلات

على وقع التطورات الاقتصادية الجارية في المملكة العربية السعودية، يجري في مطبخ القرارات السيادية العمل اليوم على انجاز متعجل للصندوق الاستثماري الاردني، على أمل أن ينجح في إدارة وإنشاء وتمويل مشاريع استراتيجية.

ففي الوقت الذي يجري فيه التفكير في السعودية ببيع جزء من (آرامكوا) لتمويل مشروعات استثمارية وتنموية، تكون علامة مسجلة تؤشر إلى إنجازات العهد الجديد، تراقب المنطقة كلها تلك التطورات وتحاول أن تتكيف أو تتهيأ للاستفادة مما قد تخلقه من بيئة استثمارية جديدة.

هنا، وعلى النسق ذاته، جرى التفكير بإنشاء صندوق استثماري أردني، يتمتع بالصفة السيادية، وغير خاضع للممرات البيروقراطية الطويلة، ولا تُخفي بعض المراكز آمالها المعلقة على العهد السعودي الجديد، الذي ينحى لانتهاج فكر اقتصادي لتنويع مصادر الدخل، بدلا من اعتماد الاقتصاد على مبيعات النفط فقط.

لكن، يجب أن لا تأخذنا الحماسة بعيدا عن الواقع، ففي السعودية يستطيعون التجريب، ولديهم من القدرة ما يؤهلهم لممارسة هذا الترف، أما في الأردن، فإن مشروعا بهذا الحجم يحتاج إلى الكثير من الدراسة والتروي، ولا بد من أن نأخذ بعين الاعتبار امكاناتنا، ولا بد أن نضع في الحسبان التطورات الدراماتيكية الجارية في المنطقة، وما قد تنتجه من تغييرات، وبالتالي تأثيرات ذلك على مواقف أية جهة مانحة.

بعض من خاضوا النقاش حول الصندوق الاستثماري يأخذون عليه أنه قد يكون محصورا في مشروعات البنية التحتية، رغم أن التخصص في مجال محدد لا يعيب المشروع، بل هو من مؤشرات النجاح، فليس معقولا أن تقوم هيئة استثمارية واحدة بانجاز المشروعات كافة، وفي مختلف القطاعات.

من المجالات التي تتطرق إليها الأفكار، رعاية الصندوق لمشروع سكك الحديد والقطارات، ولو أنجز الصندوق هذا المشروع فقط، فإنه كثير، ويعتبر من الإنجازات التاريخية المهمة، كونه يحل مشكلة المواصلات العامة والنقل في البلد، وهي من المشكلات الكبيرة التي تكونت نتيجة التوسع الارتجالي في الطرق وآليات النقل من دون مراعاة للنمو السكاني.

طبعا هناك محاذير كثيرة لا بد من التنبه لها، ونحن نخطط لحل مشكلاتنا، أولها اختيار أو بناء الأنموذج الاقتصادي المناسب، ووضع الخطط ضمن رؤية تراعي التوزيع العادل للثروات والمكتسبات من دون أن تطغى على المحتوى الاستثماري للمشروع، فهناك نماذج كثيرة في اقتصادات دول كانت تعاني المشكلات نفسها التي نواجهها الآن، فاختارت طريقها بحزم إلى النجاح، وهنا لا بد من استحضار نماذج مثل سنغافورة وماليزيا، ولا بد من القراءة المتمعنة لأفكار الرواد مثل محمد محاضير.

من المؤكد طبعًا أن ليس هناك أنموذج قدري يحكمنا، والأبواب مفتوحة لنختار ما يتناسب وخصوصيتنا.

وهناك بعض الأفكار والطروحات النمطية الراسخة في خلفية كل فكرة اقتصادية أردنية، التي تحتاج إلى الكثير من الوقوف عندها، أولا الاستهانة أو التساهل في الأصول عندما يجري الحديث عن مشروعات جديدة، وهذه مثلبة أودت باقتصادات كبيرة مثل الاقتصاد السوفييتي، حيث كانت تقام المشروعات من دون مراعاة لقيمة الأصول (العقارات والبنية التحتية..) وعدم احتسابها في التكاليف.

إلى ذلك خلق بؤر اقتصادية ناجحة وسط عدد هائل من المؤسسات الخاسرة، فتقوم الناجحة بتغطية عثرات المؤسسات الفاشلة، ما ينتج عنه في المحصلة الفشل العام للقطاعات كافة.

كما لا بد من مراعاة أن تكون مصادر التمويل مستمرة وآمنة، وبأسعار فائدة عادلة، حتى لا تبتلع الفوائد أرباح المشروعات.

تبقى مشكلة الإدارة والتعيينات؛ فلا بد من أن تكون بحجم ونوعية المشروعات الحقيقية، فلا يتم تقديم هذه المشروعات لقمة سائغة لتنفيذ رغبات المسؤولين بتعيين ابنائهم ومحاسيبهم.

كما لا بد أن نُقر، اولًا وآخرا، بأن الشفافية ضمانة لسلامة الاجراءات، فلا يتم اتخاذ قرارات مخفية بدعوى الحرص على المصلحة العامة، بينما هي في الحقيقة، تلبي بعض المصالح الخاصة.

نيسان ـ نشر في 2016-05-18 الساعة 16:47

الكلمات الأكثر بحثاً