اشتقتلك

أفنان لقمان

دعني أخبرْكَ بشيء منذ أنْ كنتُ صغيرةً وحتى اليومِ وأنا أسقطُ من السريرِ أثناء نومي لا تضحكْ ! قد مرّت عليَّ ثلاثُ ليالٍ وثمّة فكرة مُرعبة تجتاحني : أنني سأسقط من عمارةٍ بثلاثةِ طوابقَ مثلاً ، أو أنَّ العمارة بطوابقها الثلاثةِ ستسقط فوقي ! وأنَّ سقوطي من السّريرِ طيلة هذه السنين ليسَ إلا تدريباً لموتيَ كي يكون رحيماً .

الفكرةُ ليست أنني خائفةٌ من الموت ، بل منَ السقوطِ نفسه ، أو حتى من كلّ تلكَ المسافةِ الهائلةِ قبله .

بالأمسِ مثلاً ، حلقت فوقَ رؤوسنا طائرة ، ولولا الصواريخ التي أسقطتها فوقنا لما أعرناها أهمية ثوانٍ كانت معدودة ، وبدأت البيوتُ تتساقط والمحلات والمَشافي وَ .. البَشَر ! يا الله كل هذا العالمِ يتساقطُ من حولي ، كلّه ! لماذا إذن لم يسقطِ الطغاةُ بعد ؟! .. ليسَ هذا ما أردتُ إخباركَ به على أيّةِ حال كنتُ أودُّ أن أقولَ لكَ بأنني أكره جداً المسافات الكبيرة التي تُجبرُنَا على السقوطِ فيها كالمسافةِ التي تضعها بيننا أنت وأنني أكثر منها أكره المسافةَ اللانهائية التي ستقطعها الحروفُ عندما تخرج من شفاهكَ إلى مسمعي ، قبلَ أن تقول ليَ الآن : " اشتقتلك "