جبين الاستقلال يتعرق خجلاً من تنجيح أكاديمي طلابه احتفاء بـ(الذكرى)
نيسان ـ نشر في 2016-05-27 الساعة 13:48
كتب إبراهيم قبيلات
نعم، قرر أكاديمي أردني، يحمل شهادة الدكتوراة من جامعة اوكلاهوما في الولايات المتحدة الامريكية، تنجيح جميع طلابه وفي المساقات كافة، احتفاءً بذكرى استقلال الأردن السبعين، ضارباَ عرض الحائط كل معايير وأسس النجاح في الجامعة.
الدكتور الذي يدرّس الصحافة في إحدى الجامعات الرسمية، عزا عبر صفحته على (الفيسبك) أمس الاول تنجيح جميع طلابه إلى تعزيز روح الإيجابية بين الطلاب وللتفاؤل بمستقبل الأردن، ما يكشف عن عدم ادراك منه لمعنى الاستقلال اولا وأسس التعليم برمته ثانيا، وخلط لمدلولات ومقاصد الاستقلال ثالثاً.
بوصفي تلميذاً ضالاً، ومن أصحاب المقاعد الخلفية أيضاً، سأرفع يدي صوب الأكاديمي متسائلاً: هل تقدّر حجم الكارثة التي تكرسها باحتفائك المزعوم بين الطلاب ومن خلفهم المجتمع بأسره؟.
تفتح حادثة الأكاديمي الاسئلة على ما يحدث في الجامعات جهاراً نهاراً، وبتواطؤ اداري، حيث الدكتور ملك المساق وربه، يسخط ويعذب، وإن شاء غفر وأدخل طلابه جنة التسعينيات بدلاً من جهنم الخمسينيات، من دون وعي حقيقي لمآلات هذه الفزعة الأكاديمة على بنية التعليم والمجتمع في آن. ونحن هنا لا نتحدث عن حادثة الدكتور بعينها.
حادثة اخرى تكاد تقع كل يوم في جامعاتنا ففي جامعات الجنوب ينجح ويتفوق أهل الجنوب وفي الشمال يتفوق اهل الشمال وهكذا فالمحسوبية والعشائرية حتى في العلامات.
نخشى أن تنسى الجامعة دورها الرئيسي في نشر المعرفة والتنوير، والاكتفاء بدور المصلح الاجتماعي، بعد أن ارتفعت وتيرة العنف الطالبي في مجمل جامعاتنا، وبما يحول في نهاية المطاف دون وصول المجتمع إلى حالة من المدنية الحقيقية، لصالح إدخال عنصر جديد في الأزمة، وهو المدرس، الذي ارتضى لنفسه التلاعب بعلامات طلاب وتنجيحهم؛ لينافسوا زملاءهم غداً على وظيفتهم.
بعد هذه الحادثة - إن مرت مرور الكرام - من سيمنع دكتوراً يريد تقفيز قريبه من حاجز الخمسين إلى سقف التسعين، بعد أن نظم الطالب قصيدة، وطنية كانت أو غزلية؟ ثم كيف سنقنع أكاديمياً آخر بوضع مسطرة واحدة بين الذكور والإناث داخل غرفته الصفية، إذ ما تعثرت طالبة بجملة ما دغدغت بها مشاعر دكتورها الهرم؟.
على إدارة الجامعة أن تسارع إلى تشكيل لجنة حيادية، تصيغ رؤيتها ومقاربتها قبل المعالجة بالاستناد إلى دور الجامعة الحقيقي، ومدى التزام المدرسين بأسس النجاح والرسوب، بمعزل عن كل العناوين الصعبة والخفيفة، وبما يضمن تسليح طلابنا بالعلم وادواته، نريد أن نحمي جامعاتنا ومعاهدنا من كل المتحمسين، والإبقاء على هيبة العلامات محدداً حقيقياً للفرز بين الطلاب، أو اتركوا قاعاتكم ومحاضراتكم، فالمخاتير أولى بها.
قصص كثيرة - يندى لها جبين الاستقلال - تحدث في الغرف الصفية، وتشمل العلامات والبحوث وحتى رسائل الماجستير والدكتوراة، صحيح هناك معايير وأنظمة تؤطر العملية التعليمية في المملكة، لكن مخرجات التعليم تكشف سوءات المدرسين والإدارات على السواء، وليس بعض الطلاب فقط، وسط مجتمع يرى بالشهادة الاكاديمية عوامل وأسبابا تجلب الاحترام المسلوب فقط.
بالنظر إلى واقع صحافيين يحملون شهادة البكالوريوس أو الماجستير في الصحافة والإعلام، لكنهم يجهلون في مجملهم أسس الصحافة الميدانية، حتى في الخبر البسيط، وكلما حدثتهم يميناً اكتفوا باستحضار الأسئلة الخمسة، كدليل على علمهم ونباهتهم، فيما الصحافة تشهد تغييراً متسارعاً، ليس في الرؤية فقط، بل حتى في المنهجيات وتفاصيل المعالجات؛ طمعاً في تقديم ما هو جديد.
صحيح أن الطلاب شركاء في كل ما يحدث داخل أسوار الجامعة، وتحديداً في غرفهم الصفية، لكن هذا لا يعفي أساتذة من القصور، وإن لاذوا بالوطنية، فما نعرفه عن الوطنية أنها تعني العدالة قبل كل شيء.