الجنوب يغلي
نيسان ـ نشر في 2016-05-28 الساعة 21:39
كتب إبراهيم قبيلات..ليل الجمعة الفائتة، كان ليلاً استثنائياً وحاداً بالجنوب، وتحديداً في مدينة البترا، كان من الممكن أن تمتد ألسنة الشغب أطول، وكان من الممكن أيضاً أن يذهب الملثمون بشغبهم بعيداً.
شغب، وإغلاقات للطرق بالحجارة والإطارات المشتعلة والحاويات؛ تعبيراً عن الغضب على مماطلة التجار والحكومة في إنهاء ملف البيع الآجل أو ما يعرف بـ قضية "التعزيم". ماذا تنتظر الحكومة أكثر من ذلك؟.
ببساطة الناس تريد استعادة أموالها من التجار ومن الواضح أن كل التسويات تكسرت.
كان واضحاً أن القضية تذهب باتجاه التصعيد منذ أن طفت على السطح العام، قبل نحو عام، وكان واضحاً أيضاً ارتباك الحكومة وعجزها عن مواجهة الناس، وتقديم حلول جادة، تتكفل بأطفاء الغضب.
تورط 6 آلاف مواطن من الجنوب، ودخلوا شباك "التعزيم"، وقامروا بمدخراتهم و"تحويشة" العمر؛ فانتهت الامور بهم إلى خسارة 200 مليون دينار، على أقل تقدير، حسبما تشير تقديرات غير رسمية، فيما الرسمي ينتظر "الفزعة".
صحيح أن الناس هناك ساهمت -بطريقة أو بأخرى- بوصول الأمور إلى ما وصلت إليه، سواء قبل أن تضع الدولة يدها على الملف، أو بعد أن تحفظت على أموال التجار ،لكن هذا لا يعفي الدولة من واجبها تجاه مواطنيها.
ما نزال نذكر كيف رد الشارع هناك على قرارت الحكومة، ورفض تطبيق إجراءات التحفظ، باعتباره سيحول دون إجراء تسويات سريعة، تنتهي بهم إلى استرداد أموالهم.
لكن بالنهاية انطبق على أهلنا بالجنوب المثل العربي "يَا معَيِّد بين قَريتِين" أو "بين حانا ومانا ضيعنا لحانا"، فلا هم تركوا الحكومة تفعّل القانون وأدواته، ولا هم استعادوا أموالهم على طريقتهم.
في الواقع، الحكومة شريكة استراتيجية في تبعات ملف "التعزيم"، ألم تتنازل طواعية عن هيبتها وقانونها وسلطتها، لصالح تمرير الكرة إلى الملعب العشائري، لتنجو هي من تبعات الأزمة!.
الأخبار القادمة من هناك تقول أن الجنوبيين لن يكتفوا بحالة شغب يتيمة، أفلحت الدولة في السيطرة عليها، بل سيتبعون ليلتهم بسلسة من الاحتجاجات؛ لتصل أصواتهم إلى "الرابع" المنهمك في سيناريوهات "البقاء" أم "الرحيل".
على الحكومة أن تستعيد دورها وتوقف حالة النزيف، فالجنوب يغلي، ودفع كل ما بحوزته في جيب التجار، ولا هم لديه أكثر من استعادة دنانيره.