عن الفكرة الذيليّة و أمراض الجسد ! للأديب الاردني ماجد شاهين
نيسان ـ نشر في 2016-06-02 الساعة 12:55
( 1 ) عن اللعب !
في زمن انقضى ، حين كنّا أطفالا ً أو فتيانا ً ، كنا كثيرا ً ما نقتحم أماكن الكبار ، أماكن لهو ولعب الكبار ، كأن ندخل إلى صالات لعب " التنس والبلياردو " لكي نتفرّج أو نلعب أو نتعلّم اللعب !
أو نروح إلى بوابات المقاهي .
في المقاهي كانوا يطردوننا إلى أن كبرنا وصرنا من مرتاديها و
من صانعي نكهة قهوتها و بتنا نصنع فيها فكاهتنا .
أمـّا في الصالات و أماكن اللعب فكان اللاعبون الكبار من الجيل الأكبر منا عمرا ً يطلبون إلينا أن نلتزم الهدوء و نجلس هناك بجوار الجدران ريثما تفرغ الطاولات من اللاعبين فنأخذ دورنا في اللعب و حصتنا في اللهو .
كنا نفعل ونلتزم ،
الآن .. انقلبت الصورة .. الصغار يلعبون و الكبار يجلسون في الأطراف ينتظرون دورا ً أو فرصة .
الآن ، لا فرص وافرة للكبار .. الأجيال الصغيرة تمارس لهوها ولعبها و تحتل ّ الطاولات والمسارح .. والكبار يلوذون بالفرجة وينتظرون أدوارهم .
لكنهم ، في أغلب الأحوال يرجعون إلى بيوتهم من دون أن يجدوا فرصة للّعب .
شروط اللعب تبدّلت و المسارح ما عادت تتسع للجميع .
واللاعب الذي كنّا نظنـّه صغيرا ً ، صار فاعلا ً كبيرا ً .
( 2 ) .. و اللعب كذلك !
اللاعبون الاحتياطيّـون ، يفرحون وينتظرون انتصارات فريقهم ، لكنهم في الأغلب الأعم ّ يراقبون وينتظرون العثرات لكي تسنح لهم فرص اللّعب بدلا ً من متعثرين .
هل يوجد لاعبون لم يلعبوا ولو مرة في حياتهم ولا يزالون ينتظرون ويجلسون على مقاعد البدلاء منذ زمن طويل ؟ .
الانتظار الطويل يدفع إلى قهر وغيظ و حنق ، و البدلاء المنتظرون يفقدون حاستهم العاشرة .
( كنّا نتسابق لحجز أدوار لنا في ألعاب المقهى و حين نفقد فرص اللعب نغادر المكان ، فاللاعب في الأغلب يضيق ذرعا ً بالانتظار ) .
لا أعرف كيف تكون أحوال اللاعبين في السياسة و هل يتمرّنون على انتظارات طويلة أحيانا ً ؟!
( 3 ) و عن التيه !
لكثير من أمراض الجسد ، وجدوا أدوات و وسائل للكشف وللعلاج وللمعاينة .
الآن يقسطرون أنحاء الجسد كافـّة و يحدّدون الخلل و يشرعون في اتخاذ التدابير اللازمة .
يتابعون " لوثات الجسد " و يعالجونها ، فهل هناك ما يقسطر و يعالج لوثات الذهن .
أزمة الأمة الكبرى ، ليست في شح ّ المياه أو شح ّ القماش ، بل في " تيه الأذهان " و لوثاتها .
( 4 ) الفكرة الذيليّة !
الفكرة الذيليـّة ،
فكرة تقبع في آخر مسافات الوضوح أو تأتي متأخرة متأثرة بأفكار أخرى سبقتها ، و يظهر تأثرها بشكل فج ّ ، تماما ً مثل الموقف الذيلي ّ الذي يجيء تابعاً ونتاجا ً لمشهد صنعه آخرون .
و كثير من مجتمعاتنا تكتفي بدورها الذيلي ّ الدور الذي يلحق بأدوار الآخرين و لا يظهر إلا ّ بعد نضوج الأفكار الكبيرة .
الموقف الذيلي ّ
المجتمع الذيلي ّ
الفكرة الذيليّة
الفرد الذيليّ
و الانتباهات الذيليّة ،
هذه جميعها ردّات أفعال متأخرة و في الأغلب لا تعدو كونها " فرقعات صوتيّة " أو ركضا ً في ملعب انتهى فيه السباق .
..
تخيّلوا أن ينتهي سباق و تعلن نتائجه و تظهر خطوطه العريضة و يأتي آخرون ذيليّون يحاولون الركض لعل الملعب يستذكرهم و يحفظ ملامحهم .
الذيليّون ، لا يصنعون حكمة و لا يجترحون موقفا ً ، و إن ْ بدوا كثيرين أو ظهروا بكثرة في المشهد.
2016