واشنطن تخذل حلفاءها مجددا .. والخليجيون عادوا من قمة الهاوية بخيبات الأمل
نيسان ـ نشر في 2015-05-16 الساعة 11:54
لقمان إسكندر
لم يدر بخلد الزعماء الخليجيين، وهم يركبون طائراتهم ويتجهون الى كامب ديفيد للقاء الرئيس الأمريكي أنهم سيسمعون منه ما لن يعجبهم.
كان الظن أن قمة كامب ديفيد أقرب إلى وضع خطط المستقبل المنظور للمعارك القادمة بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج للانقضاض على المارد الإيراني في المنطقة.
ما ظهر أن اوباما راح يضع خطوطه الحمراء وشروطه على طاولة الحلفاء الخليجيين الغاضبين من التقارب الأمريكي مع إيران، بدلا من الاتفاق معهم على آليات محددة للاشتباك السياسي والميداني مع طهران.
بُهت الخليجيون، وهم يسمعون كلام ساكن البيت الأبيض. أليس هذا حليفنا؟ أليس طهران عدوتنا المشتركة؟ لا بد أنهم سألوا أنفسهم ذلك.
لم يقل الرئيس اوباما للزعماء الخليجيين ما يفهم منه أن شيئا من مواقفه تجاه ملفات المنطقة تغيرت، بل إن ما يفهم من تصريحات المسؤولين الأمريكيين - ومنهم اوباما - أن خطط واشنطن التي وضعتها للبدء في التعامل على الأرض مع المأزق السوري ستستمر لعامين إضافيين؛ وذلك في الحديث عن أن تدريب المعارضة السورية (مقاتلين سوريين معتدلين)، بحاجة الى عامين، ما يعني أن واشنطن مستعدة للانتظار وهو ما لا يريده حكام الجزيرة العربية.
بهذا تكون الدولة الكردية قد أعلنت وتعزز، وداعش وصلت الحدود السعودية، واختلط حابل عاصفة الحزم بالرد الإيراني؟
السؤال هو: هل ستصمد دول الخليج، وفي المقدمة منها السعودية أمام الموقف الأمريكي غير الجديد، خاصة وان أولويةً أوباما هي في التفاهم والتقارب مع إيران حتى لو تدخلت في شؤوننا وتآمرت على حلفائها.
إيران قبل (قمة الهاوية)، كانت قد انتقلت من حالة ( الفعل) الى حالة ( ردة الفعل) لكنها بعد كامب ديفيد ستعود أشد خطابا وفعلا مما كانت عليه قبل القمة. كما أن الأسد المشغول اليوم بمعركة القلمون – تلك التي تدعم الرياض عدوه فيها باعتبارها فرصة لهزيمة حزب الله والأسد معا - لا بد انه يشعر اليوم بأنه مُنح الضوء الأمريكي الأخضر للاستمرار بعد أن ربتت واشنطن على كتفه بتصريحاتها حول عدم القدرة على إنهاء الأزمة في سوريا سوى بالحلول السياسية، وهو ما يعني بعد فكفكة الشيفرة الدبلوماسية أن بإمكان الأسد الاستمرار وأن عليه الصمود في وجه (الإرهابيين)، الذين عاد اليوم يتقاطع فعلهم - باستثناء داعش - مع المصلحة السعودية.
لواشنطن وهي تقف هذا الموقف غاية يبدو أنها لم تصلها بعد. ومن يظن أن بإمكان ساكن البيت الأبيض أن يرسم مستقبل المصالح الأمريكية في المنطقة لوحده سيكون واهما. موقف الرئيس الأمريكي يأتي في ظل تناغم كامل بين مؤسسات صنع القرار الأمريكية، وليس أوباما منبتا عن منظومة الماكينة تلك، كما يريد الأمريكان أن يشعر الخليجيون به.
شمال إفريقيا الورقة القادمة لطهران
المعارك السياسية لم تنته بعد، وإيران ما زال بيدها مجموعة من الأوراق لم تستخدمها ومنها تمددها المتسارع في إفريقيا (الجزائر ونيجيريا)، فسيناريو دخول إيران لليمن يمضي اليوم على قدم وساق في الجزائر، بل وفي تونس والمغرب وموريتانيا. والظاهر ليس أن داعش فقط هي من تتمدد بل وإيران أيضا.
وبينما شعرت شعوب المنطقة نخبا وشعبيين بخيبة الأمل من إعلان توقف عاصفة الحزم فجأة كما بدأت فجأة، هم كذلك شعروا بمزيد من الخيبة أمام "كامب ديفيد"، وهم يرون تأكيدات الفعل الأمريكي باصطفاف واشنطن مع إيران ضد حلفائها.
كانت ولا تزال الفرصة تاريخية ولا تعوض لكسر نفوذ إيران في الجزيرة العربية عامة واليمن خصوصا، لكن ما تريد واشنطن - كما يبدو - هو تفخيخ "الحزم" السعودي بإعادة المبادرة للفعل الإيراني، بتوريط العواصم الخليجية "بالحل السياسي" للازمتين السورية واليمنية".
لا بد وان السعوديين ناموا الليلة الماضية، وهم يشعرون بأنهم خذلوا من حليفتهم الأبدية (واشنطن)، وربما الآن يمكن أن نفهم لِمَ لم يشارك (سلمان الحزم) بالقمة .. نقول ربما .. لكن ما هو مؤكد هو التالي: في حال استجابت الرياض لواشنطن فان الوقت لن يكون بعيدا الذي نرى فيه إيرانيين ينظمون السير في مزيد من العواصم العربية.