موقع أكيد.. نزاهة وحيادية محسوبة
نيسان ـ نشر في 2016-06-10 الساعة 14:43
كتب محمد قبيلات ..ليس من المؤكد أن مرصد مصداقية الإعلام الأردني "أكيد"، أكيد تماما، فليس من علاقة وثيقة بين الأسماء والصفات عموماً، فأسماء الأشخاص تطلق في بداية حياتهم، وفي بعض الاحيان قبل ولادتهم، وقبل تشكل صفاتهم.
العرب الاوائل التفّوا على مقولة لكل امرء من اسمه نصيب، بأن قالوا نحن نُعطي أسماءنا محتواها، أو "أسماؤنا لأعدائنا"، بتحشيد واضح لتخويف الأعداء أو المحتملين منهم، بما تحمله أسماؤهم من قسوة وقوة واعتداد.
موقع أكيد، وعلى وجاهة ما يطرح من قضايا حساسة، يبدو متأكدا من أنه القيّم على الصحافة، فيأخذ قضية معينة ويبرز ما اعتراها من هنّات في التغطيات الاعلامية المختلفة، لكنه يمارس الانتقائية بامتياز، فلا يتطرق للقضايا أو ينتقيها ضمن منهج أو معيار علمي معين، وليس عنده مسطرة واحدة، سوى ما يرضي به مراكز تنفيذية معينة، فهو يختار قضايا دون قضايا أخرى، وعلى الأغلب بعيدا عن الموضوعية من ناحية الزوايا التي يلتقطها ويسلط سهام نقده عليها.
على سبيل المثال، هو لا يضع المواقف والروايات الرسمية على مشرحته، فجام "تشريحه" منصّب على المواقع الاخبارية الإليكترونية، ويقل هذا التشريح عندما نصل إلى دائرة الصحف الرسمية "الورقية"، لكنه ينعدم تماما عند حدود التصريحات والدوائر الاعلامية الرسمية.
ففي قصة تصريحات الدكتور عبد السلام المجالي أثناء زيارته إلى الضفة الغربية، شكك أكيد بكل التغطيات الاعلامية لحديثه عن الكونفدرالية، ورجح نفيه لما صرح به.
في تناوله لتغطية الهجوم الارهابي في البقعة، كشف "أكيد" خطأ الوكالة العالمية ذائعة الصيت "رويترز"، بعد أن اشتمل خبرها على تضليل واضح للجمهور، تحت عنوان "مقتل 5 في هجوم على مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان"، لكن "أكيد" لم يناقش (صحة أو عدم صحة) الروايات الرسمية في الاعلام الاردني حول هذه الحادثة.
استخلاصاته عموما ترضي الجهات الرقابية، فيظهر كما لو كان خط دفاع متقدما لها في الساحة الاعلامية؛ يدافع عن رؤى الرسميين بطريقة غير مباشرة، تدعي لنفسها الحيادية والحفاظ على المهنية.
من ناحية القضايا التي تتم معالجتها، لا يضير المجموعة التي تدير الموقع، أن تتجاهل تماما بعض القضايا التي تظهر ضعف الأداء الرسمي، وتُنصِب نفسها قيّماً على العمل الصحافي والاعلامي، كممثلة للنزاهة والمصداقية، فتأخذ للموقع " أكيد" شعارات ترهب بها كل من يحاول الاقتراب أو الاحتجاج، مثل : من أجل أخبار بلا تحريض، الاشاعة تدمرنا، الأخبار بدون مصدر.. مصدر للمتاعب، الانحياز في الاخبار انحياز ضد المواطن، كما أنها توسم الموقع بـ " مرصد مصداقية الاعلام الاردني".
ويحار المرء؛ كيف لجهة تدعي الحياد والموضوعية أن تحشد لنفسها كل هذه الصفات والشعارات؟!!
خصوصا وإنها ترضى لنفسها اللعب على الهامش الذي لا يصل للأسباب الفعلية للظواهر الاعلامية الجديدة أو غير الدقيقة في مجتمعنا، على سبيل المثال، الشعار الذي يطالب بأن يكون هناك مصدر، هل تنبه واضعه إلى أنه ليس لدى الصحفي، وبالتالي المواطن، حق بالوصول إلى المعلومة، وإن المعلومات محتكرة من قبل قنوات معينة تُسربها بشكل موظف تماما لخدمات سلطوية.
ومن الذي يحرض؟ وهل التحريض ممنوع في الاعلام؟ والاعلام عندنا كله تحريض! وهل يمكن للإعلام أن لا يكون ضمن عملية تحريضية ما، كنّا نستطيع الفهم، لو أن المطلوب كان أن يكون الاعلام أقل تحريضا، وأن يتحلى بأكثر ما يمكن من موضوعية، بمعنى أن تكون قصصه مقنعة وتحترم عقول المتلقين. مع اعتقادي ان القصة ليست التحريض أو عدمه، بل إنها تكمن في الخلفية الأخلاقية للتحريض، أي: إلى أو على ماذا تحرض؟
موضوع الاشاعة لا يحتاج للكثير من الشرح، فهناك ما يوفر علينا كل هذا العناء، وهو سؤال بسيط : لِمَ تنتشر الاشاعة؟ لِمَ تحل محل الخبر الصحيح والمؤكد؟ ببساطة لأن المعلومة المدققة غير متوفرة.
أكيد، وكل هذه المواقع التي تتدثر بالأرواب الأكاديمية، كان يمكن لها أن تكون أكثر شفافية، وأكثر انسجاما مع الذات، وتقدم نفسها بالبزة الرسمية، ولا داعي للتظاهر والتسربل بأسماء تؤشر إلى ما تفتقده من الصفات.