اتصل بنا
 

اعتقال قورشة .. الدولة تطلق النار على رأسها

نيسان ـ نشر في 2016-06-15

x
نيسان ـ

إبراهيم قبيلات

على تسجيل دأب الداعية الاسلامي والاستاذ الجامعي الدكتور أمجد قورشة بانتاجه على قناته الخاصة على اليوتيوب اعتقل. إن الدولة تطلق النار على رأسها.

كثيرة هي العلامات الفارقة للانقسام التي أحدثتها الثورة السورية في المجتمع الاردني، غير ان اعتقال الداعية الاسلامي قورشة صارت واحدة على رأس هذه العلامات.

يبدو أن قورشة سيقضي أياماً طويلة في سجن ماركا، بقرار من المدعي العام الذي أسند له تهمة تعكير صفو العلاقات العامة، بسبب ظهر الداعية بفيديو منشور على موقع اليوتيوب منذ 2014، ينتقد فيه انخراط المملكة في التحالف الدولي على تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا.

فجأة وبانعطافة حادة سيترك المتموضعون في خندق النظام السوري خطابهم عن الحريات العامة ورفضهم المطلق للمحاكم العسكرية والتي تمثلها في الاردن محكمة أمن الدولة وسيرفعون القبعات لخطوة الاعتقال.

فرح لم يتمكنوا من اخفائه. كان ذلك صادما لمن اراد اطلاق خطاب الحريات العامة والدولة المدنية بمعناه العام وليس الخاص.

بدا أننا بحاجة الى إعادة مراجعة لمواقفنا من الحريات العامة. فما أظهره اعتقال قورشة أن معنى الحرية قاصر ومُحَدّد لفئة بعينها فقط مهما قالت او اتخذت من مواقف. أما اذا ما نطقت الفئات الأخرى بارائها فهنا سيجري محاربتها بوضعها في خانة الارهاب وربما التخوين.

ما يجب ان تكون عليه الأمور هنا ان الحريات مطلقة سواء اعجبتنا ام لم تعجبنا طالما كانت في اطار خطابي سلمي وهو ما يكريس الحريات بوصفها مظلة ورافعة حقيقية للرأي والرأي الآخر.

صحيح أن خبر اعتقال الداعية الإسلامي والأستاذ الجامعي الدكتور أمجد قورشة، فجر اليوم، أثلج قلوب معارضيه وكارهيه، باعتباره منبعاً للفكر المتطرف وخطاب الكراهية، لكنه أيضاً رسالة قاسية لعموم السلفية في البلاد.

ما نراه في اعتقال قورشة إنه "هروب الدولة إلى الأمام". والمطلوب تحقيق مراجعات شاملة لعلاقتها مع التيارات السياسية والفكرية الاخرى، ولا يجوز ان تظهر ارتباكها بعد ان اكتوت أصابعنا جميعا بنيران الاجرام.

إن الاعتقال رسالة رسمية غير مبطّنة لرموز الفكرة السلفية بعدم الاقتراب من "خط النار".

بالعودة إلى الانقسام الطولي الذي أحدثه اعتقال قورشة، فإن مجرد قراءة الأوصاف التي أطلقها (الفرحون) بالاعتقال، تكشف حجم هشاشة وضعف بنية النخب، التي طالما قدمت نفسها بانحيازها لحرية الرأي فتعرّت فور الاعلان عن الاعتقال.

لقد ظهر أنها لا تقبل الرأي الآخر، بل وتقفز فرحا عندما تفتح السجون أبوابها أمام اصحاب الرأي من الخندق الآخر.

هذا ملخص سريع لحالة الفضاء الإلكتروني، بعد أن شاع خبر اعتقال قورشة المؤيد لجبهة النصرة في سورية.

إن تهمة د. قروشة جاءت مفاجئة، رغم أنها "معلبة" وجاهزة، وهو ما يعني أن الرسمي يواصل مسيرته في مقارعة الإرهاب، من دون أن يفرق حتى اللحظة بين التطرف بصفته فكرا والارهاب بكونه ممارسة. في حقيقة الأمر ان اعتقال قورشة هو "مضخة" ضخمة لانتاج مزيد من التطرف والافكار المتطرفة. وهذا حتى اللحظة لا تدركه الدولة لانها تولّد طوال الوقت مصانع لتفريخ التطرف فينا.

إن ما يجري هو ببساطة إنتاج جيل كامل يذهب للتطرف باعتباره طريقا أجبارياً للتعبير عن الذات. وبهذا المعنى، الرسمي مدعو اليوم لإيقاف نهج "دعشنة" الناس، والتضييق عليهم، بعيداً عن ثنائية (المسجد والعشيرة)، التي اتكأت عليهما الدولة منذ البداية.

إننا نقف اليوم – في شهر رمضان تحديدا - على مفترق طرق إما أن تستخدم له الدولة كل ما عرفناه منها من عقل فننجو، أو ننزلق في مهاوي تيه المنطقة.

نيسان ـ نشر في 2016-06-15

الكلمات الأكثر بحثاً