اتصل بنا
 

حادثة الكنسية .. إنهم ينسجون حكايا من ألف فتنة وفتنة

نيسان ـ نشر في 2016-06-20

x
نيسان ـ

إبراهيم قبيلات

تلقف هواة النغمة الطائفية خبر اختباء مسلم في كنيسة الروم الكاثوليك بالزرقاء، وقالوا إنه اعتداء على الكنيسة. لم يقل أحد شيئا عندما قتل عارف الخلايلة بعد ان استجار به شخص في المدينة ذاتها، ولم يستمع القتلة الى "نخوته" فقتلوه.

دخول رجل الكنيسة أمس مستجيراً يفهم في السياق الاجتماعي الأردني أنه دخيل، يطلب الحماية من شرارة الحجارة المتطايرة على رأسه ممن تعارك معهم. لكن الجناة واصلوا حجارتهم.

الغريب ليس في هاتين الحادثتين بل في ان يلتقط منظرو الفتنة حادثة الكنسية لينسجوا حولها حكايا من ألف فتنة وفتنة.

إنها سموم شبكة الكراهية الاجتماعية التي تورطنا بها، كما تورطنا بناشطة اعلامية دأبت على نفث سمومها هي الأخرى في حكاية فتنة، غير أخلاقية تعليقاً على حوادث يشهدها الشارع الأردني، كما كل شارع عربي وأجنبي.

ماذا لو وقعت بيننا حوادث شغب الملاعب التي تقع اليوم في فرنسا؟ من المؤكد اننا كنا سنخرجها من سياقها الى سياقات سياسية واقليمية وربما طائفية ايضا.

أن يدس آخر "السم في الدسم"، بين أهلنا في الزرقاء، في محاولة لإضعاف الناس قبل إرهابهم اجتماعياً، باعتبار تنين الطائفية بدأ يتململ، وإن الأردن يسير على حبل مشدود، فهذا الشطط بعينه.

وتحديدا في الزرقاء نعلم جيدا ان الشحنات الطائفية تختفي كليا لصالح هوية أردنية جامعة.

إن مجرد تناقل البعض للخبر، بوصفه اعتداء على كنيسة من قبل آخرين، يندرج في جو محاولة "خلق أزمة"، لا وجود لها، ومحاولة التصيد في ماء ليس عكرا، عبر خطابات محشوة كراهية لكل آخر.

نحن لا نفهم حادثة الكنيسة ومعها الخلايلة باعتبارهما حوادث تشي بانسلاخ المجتمع الاردني عن مفاهيمه العشائرية، وقيمه الاجتماعية بعد ان نجحت الدولة في تهشيم صورة شيخ العشيرة وتقزيمه لصالح شيخها هي الذي اختارته مواليا فقط في مواجهة الجميع.

منتهى التسطيح ما قالته شرذمة متعطشة لتقسيم الأردن إلى حوارٍ دينية وعرقية، وجهوية، ومناطقية، ليسهل ابتلاعه وقضمه بعد شقه إلى أجزاء متناحرة، وسط منطقة تغلي طائفياً.

يومياً يحدث عشرات المشاجرات، ولأسباب تافهة، ثم ينخرط بها كثيرون، ومن كل الخلفيات، إلا أن لا أحد يغمز لهوية دينية، باعتبار الجميع أسرة واحدة وفي مركب واحد.

في الواقع، نطمئن كثيراً لحالة الرفض الشعبي لكل المحاولات في خلق عدو وهمي سواء كان طائفيا أو إقليمياً، في تكريس حقيقي لمعاني المواطنة المبنية على التعايش والقانون.

ما نحتاج اليه الان هو تطبيق العدالة على الجميع بادوات قانونية، وهو ما يضمن عدم النفخ في بالونات التأزيم المستقلبية وبما يحمي مكونات المجتمع من مخاطر كثيرة.

نيسان ـ نشر في 2016-06-20

الكلمات الأكثر بحثاً