إشكالية ركوب الباص
د. الهام العلان
أكاديمية أردنية
نيسان ـ نشر في 2015-05-17 الساعة 13:29
حين تتحدث عن باصات الكوستر في عمان حينها تأكد تماماً أنك على "كف الرحمن" ومُهيأ تماماً للإصابة بشتى أنواع الإحباط النفسي والتعبئة غير الوطنية التي يطمحون إليها.
وسيلة النقل الحضارية تُعطيك فُسحة لتأمل الشجر والحجر، وإذا "مش نايم بتوخذلك غفوة"، " وإذا مش ملحق تدرس بتلقطلك كلمتين" وإذا "متقاتل مع أمك، أختك، زوجتك، صديقك، أخوك" حينها تُفكر جدياً في إيجاد حل لتسوية الخلاف.
لكن ما يحدث في باص الكوستر العَماني يُعطيك دفعة قوية لترمي حالك من الشباك وتنتحر "زقوا هالبنت جنبكم، أدحش حالك لجوا يا شاب، أرفع هالراكب إلي قدامك، تفحيطة من الشُفير بتقلب النِفِس، ويا عيني على مجوز وهو برقع براسك".
ناهيك عن التعبئة الوطنية المغنواتية، مع أننا نعلم أن هذه الاغاني مكانها المهرجانات والإحتفالات الوطنية والأعراس بمعنى هناك مساحة مكانية مفتوحة وكبيرة لتهيأة الأذن على إستقبال الزلزال القادم، وهذا ينطبق تماماً على سماع القرأن الكريم، ففي بعض الاحيان تصل لمرحلة لا تستوعب فيها سماع أي شئ لا وطن ولا غيره فيحشروك بالزاوية قائلين: وطنيتك...ديانتك...هويتك...حكومتك عملت قدمت منحت سلمت...
هي دعوة للتصالح مع النفس فقط لا غير وليس إلا، دعوة لتعطيل مسجل وراديو الباص يا اصحاب القرار، فإما أنكم متعمدين مستفيدين من حالة الإرباك للمواطن، أو مستمتعين برؤية السلوكيات غير الحضارية لتعلقوها على شماعة الدول المتحضرة وتحصدوا مزيداً من المنح والمساعدات لدولكم المتخلفة على حد قولكم ...
دعوة لأصحاب القرار بأخذ جولة في تحفة عمان "باص الكوستر" والإستماع إل ما لذ وطاب من الأغاني والمنشدين والدعاة حتى تزيد وطنيتكم وإيمانياتكم وتُوقِعوا على مزيد من قرارات الإرباكوتستقبلوا العنف الجامعي والإجتماعي بكل رحابة صدر، وإذا ما تم ما تطمحون إليه فهنيئاً لنا ولكم بالباص السريع والقطار الفتاك فقد اعتدنا على "شمات الهوا" معكم...
جرة قلم لإيقاف الصورة النمطية عن معاناة ركوب باص الكوستر قبل دخول شهر رمضان المبارك لأنهم سيقتلونا إيمانيات، الوطنية والإنتماء والولاء مفردات تعلمناها ولن يتم تطبيقها ما لم يكن هناك إحترام لخصوصية وكينونة المواطن في أبسط مواقعه وهي عملية ركوب الباص، تلك الفُسحة الزمانية التي لا تتعدى الساعة والمعنوية التي تتجاوز ألاف الكيلوميترات قادرة على تغيير الأرقام الإحصائية والمسوحات السكانية لما يُبشر بالنهوض والإنتماء لبلد يستحق التأمل حتى من خلال ركوب الباص...