اتصل بنا
 

ذيبان.. الأمور إلى تصعيد بعد إخفاق الحكومة والوجهاء في إنهاء الأزمة

نيسان ـ نشر في 2016-06-24 الساعة 14:09

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات...تحت عنوان فرض هيبة الدولة، تحاول الأجهزة التنفيذية في محافظة مادبا السيطرة على حراك المتعطلين عن العمل في ذيبان، لكن هذا العنوان السلطوي لا تتفهمه جموع الشباب المحتشدة في ذيبان وقراها، ولا ترى فيه إلا محاولة لتكريس نهج اقتصادي سياسي أنتج ما يعيشونه من فقر وبطالة وسوء لتوزيع الثروة والتنمية والفرص في البلاد.
أزمة ذيبان التي ما زالت مفتوحة على أكثر من احتمال، تُعتبر باكورة إخفاق حكومة الملقي، هذا الانطباع سرعان ما بدأ في الترسخ، ومسح معه التجمل بالوعود، فأول ما أطاح بمحاولة الحكومة إجراء تغيير في التلفزيون الرسمي، الوسيلة الإعلامية الرئيسية في البلاد، فرغم الإدارة الجديدة ما زالت التلفزة الرسمية تمارس سياسة غرس الرأس في الرمال.
الشاهد على ذلك نشرة أخبار الثامنة يوم الخميس الماضي، ثاني أيام إنطلاق حالة الإنفلات الأمني في ذيبان، حيث أعُدت النشرة بنفس الطريقة والأدوات المهنية التي كانت تُعد بها إبان الحقبة العرفية، فتجاهلت الشاغل الرئيسي لاهتمام الأردنيين هذه الأيام، وشُرعت بمقدمة مطولّة عن نشاطات رسمية ولقاءات مع متقاعدين موالين من محافظة مأدبا أعلنوا تأييد الحكومة ووقوفهم في صفها ضد الارهاب.
وفي الأثناء، كال الموالون من المديح الكثير للقيادة، استغرقت هذه القصص أول إحدى عشرة دقيقة من النشرة، لتصل بعد ذلك إلى خبر (أزيح) عن المقدمة، ومفاده أن أمين عام هيئة الأمم المتحدة بان كي مون استنكر الهجوم الارهابي وأعلن تضامنه مع الأردن، وطبعا لن تأت النشرة بعد ذلك على أي ذكر لما يجري في ذيبان.
الحكومة تتواصل إلى هذه اللحظة مع وجهاء ونواب سابقين موالين للخط السياسي الرسمي، ولم تتصل مباشرة مع المعتصمين في ذيبان، فما زالت لغة الحوار الوحيدة معهم تتم عبر قنابل غاز رجال الدرك، أما الوجهاء فليس لديهم أية اتصالات مباشر مع المعتصمين.
والحقيقة أن موضوع هؤلاء الشباب صار خارج الأطر التقليدية.
حتى أن الحراكيين التقليديين في اللواء، والذين أشعلوا تظاهرات الربيع العربي، لا يستطيعون التفاهم مع الحراك الجديد، لأنه ببساطة قائم على مطالب محددة وليس من جهة تمتلك القدرة على تلبيتها إلا الحكومة.
المطالب باتت محصورة بإطلاق سراح المعتقلين، وتأمين عمل للمتعطلين وكف الطلب والملاحقة الأمنية عن المطلوبين، وبغير ذلك يهدد المعتصمون بالعودة إلى الخيمة في أية لحظة، لكن الحكومة ترد بمطالب أصعب؛ فهي لا تنوي اطلاق سراح المعتقلين حتى يُسلّم من أطلقوا النار على الدركيين الثلاثة أنفسهم، وما زال التسوّيف مصير موضوع تأمين عمل لائق بهؤلاء الشباب.
المنطق يقول أن على الجهات الأمنية البحث بالطرق التحقيقية المعتادة عن الذين أطلقوا النار، وليس بحجز المعتقلين كرهائن، لأن شباب خيمة الاعتصام ليسوا مسؤولين عما نتج من انفلات أمني، بل إن الادارة الأمنية هي التي صعدت الأمور لتصل إلى ما وصلت إليه، وبالتالي تتحمل المسؤولية عن ذلك.
القاصي والداني يعرف أن اعتصام الشباب في ذيبان قام على السلمية، ومن خلال مراجعة شعارات وممارسات المعتصمين منذ البداية، قبل شهرين، إلى أن تم انتزاع خيمتهم ومهاجمتهم بالغاز المسيل للدموع، لم تصدر عنهم أية ممارسة للعنف، بل على العكس تماما، قاموا بكنس الشوارع، ودهن ألوان أطاريف الشارع الرئيسي في بلدة ذيبان، وقاموا أيضا بتنظيف مقبرة البلدة.
هؤلاء الشباب مارسوا النضال المطلبي السلمي بأرقى أشكاله الحضارية، وذلك في سبيل ترسيخ السلم الأهلي، وعدم تعكير صفوه من خلال مطالبتهم بحقوقهم المنصوص عليها دستوريا، لقد حافظ هؤلاء الشباب على هيبة الدولة بمطالبتهم بحقهم، بينما يرون أن مَن مارس هدر هيبة الدولة هم مسؤولون ونواب من خلال التعيينات غير القانونية التي تم الكشف عن بعضها مؤخرا في مجلس النواب.
كما أن هيبة الدولة هُدرت عندما تم العبث بالدستور والقوانين وعند التراخي في تطبيق القرارات الرسمية في أكثر من مكان، وكذلك بتزوير الانتخابات.
المهم الآن أن القضية ذاهبة إلى اسوأ وأعقد حلقات ومربعات التأزيم، وليس من حل وسط يلوح في الأفق حتى هذه اللحظة، واذا ظلت حلول الحكومة تراوح ضمن المطالب والأوامر العرفية؛ فإن القضية ستصبح على سكة التعقيدات التي لا يمكن حّلها بتلبية هذه المطالب البسيطة.

نيسان ـ نشر في 2016-06-24 الساعة 14:09

الكلمات الأكثر بحثاً