القافزون على المواقف
محمد المحيسن
كاتب وصحافي أردني
نيسان ـ نشر في 2016-06-28 الساعة 01:40
تقلب المواقف وانعدام البصيرة في الواقع الحالي.
تعج الذاكرة القريبة والبعيدة والمتوسطة أيضا بمواقف لأولئك الذي يقفزون من موقف الى نقيضه بلمح ألبصر ولكنها مواقف وتقلبات تنعدم فيها البصيرة.
وإذا كان حجم القفز والتغير تختلف زاويته بحجم ألمصلحة فإن الكثيرين المتلونين وأصحاب المواقف المهزوزة والغير ثابتة يخطئون ألتقدير يعيدون ذات الخطأ الناتج عن سوء الاختيار. قد يستطيع هؤلاء رؤية حدود الأشياء ألعريضة وخطوطها ألعامة ولكنهم بكل تأكيد لا يستطيعون رؤية ألتفاصيل على الرغم ان المصلحة الحقيقة تكمن في العمق وفي رؤية الواقع كما هو دون مكياج.. فمثلا الفقر ليس فقط الاحتياج ألمبادئ فهو ايضا وضع بشري من خلاله يتصرف الشخص بفقر ويفكر بفقر، في هذه الحالة يصير ألفقر فقرا دينيا وفقرا اجتماعيا وفقرا سياسيا واقتصاديا وفقرا في المواطنة.
اما المتقلبون وأصحاب الوجوه المتعددة فإن تفكيرهم يقتصر على تحقيق المصلحة العاجلة ولو على حساب كرامتهم، مما يجعلهم يعيشون لذاتهم فقط.. هؤلاء كما يصفهم أحد الحكماء العرب لا ينطبق عليهم القول خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام، لأنهم ليسوا خياراً أو حتى فقوساً، بل هم من إفراز عدة قرون سادت خلالها ثقافة النفاق والممالأة واستبدال لون الجلد وارتداء الأقنعة..
وفي مقدمة ابن خلدون عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والشحاذون والمنافقون والمدعون والكتبة والقوالون والمغنون النشازون والشعراء النظامون والمتصعلكون، وضاربوا المندل وقارعوا الطبول، والمتفقهون وقارئو الكف والطالع والنازل، والمتسيسون والمداحون والهجاؤون وعابروا السبيل والانتهازيون.. وتتكشف الاقنعة ويختلط ما لا يختلط، يضيع التقدير ويسوء التدبير، وتختلط المعاني والكلام ويختلط الصدق بالكذب والجهاد بالقتل.. وما نشاهدة اليوم من تقلب المواقف وانهيار لمنظومة القيم، يدعونا للتساؤل عن قدرة ابن خلدون الفذة في وصف الواقع الحالي قبل مئات السنيين.
وبما ان القيم والأخلاق لا تتجزأ ولا تعترف بالكسور العشرية، فان ما نشاهده اليوم يقترب من انعدام التوازن، بل انعدام الاخلاق وضياع الحقوق. ففي الانتخابات النيابية التي يجري الاستعداد لها نلاحظ ذلك التقلب في التفكير، وذلك التنوع في القفز من موقف الى نقيضه، فمن كان خطابه دينيا يوما ما، لا يجد غضاضة في التحالف مع اليساريين، ومن كان لبراليا قبل الانتخابات، لن يعدم الوسيلة للتوحد مع المحافظين او من هم دون ذلك.. الاخطر من كل ذلك، ان هؤلاء المتقلبيين لن يصعب عليهم ايجاد تابعبن لهم بل وتابعين لتابعيهم.. ما دام المال متوفرا وما دامت المصالح قائمة.
نماذج من هؤلاء قادوا حملات انتخابية لنواب فشلوا في الدفاع عن قواعدهم ألانتخابية وكانوا بعيدين عن ألشارع ولم ينجحوا الا في حصد المكاسب ألشخصية يتطوعون الآن بعرض خدماتهم دون تفكير الا بالذات الذات فقط .
نيسان ـ نشر في 2016-06-28 الساعة 01:40
رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني