تعليم مدرسي حكومي مميز بديلا عن المدارس الخاصة
فتح سعادة
كاتب أردني وخبير مياه
نيسان ـ نشر في 2016-07-03 الساعة 03:49
تعليم مدرسي حكومي مميز بديلا عن المدارس الخاصة لتحقيق العدالة التعليمية في المملكة الأردنية.
كما يقولون الحاجة أم الإختراع.....الفكرة المقترحة هنا تعليم مدرسي حكومي مميز بديلا عن المدارس الخاصة.
أول اعتراض صحيح على الفكرة هو عدم تحقيق مبدأ العدالة ولكن هل وجود مدارس حكومية تفتقر لمعظم مقومات العملية التربوية والتعليمية الفعالة بالتزامن مع مدارس خاصة فيها كل مقومات الرفاهية فيه شيء من العدالة الاجتماعية.
الفكرة ببساطة هي تخفيف حدة تفاوت فرص التعليم بين أبناء الوطن بناء على خطة بمراحل تنتهي بتحقيق العدالة بشكل كامل من خلال إعادة هيكلة العملية التربوية والتعليمية في المملكة بشكل كامل.
أما لماذا فهناك حقيقتان في غاية المرارة أصبحتا تقضان مضجع المواطن الأردني صاحب المستوى المادي المتواضع أو المتوسط أو حتى العالي أحيانا حين تكثر الالتزامات.
أما الحقيقة الأولى فهي عدم اطمئنان المواطن الأردني على أبنائه وبالذات في صفوف التأسيس الدنيا في المدارس الحكومية حيث الاكتظاظ وقلة خبرة المعلمين وهروب المعلمين المميزين نحو المدارس الخاصة.
أما الحقيقة الثانية فهي ابتزاز المدارس الخاصة للطلاب وللأسر الأردنية بالاستمرار في رفع الرسوم سنويا الى درجة أن تلميذ الصف الأول الإبتدائي وحتى في المناطق الشعبية أصبح يكلف أهله ما يكلفه طالب جامعي في جامعة حكومية أو حتى خاصة أحيانا.
الفكرة أن المواطن الأردني وفيما يتعلق بأبنائه الذكور تحديدا نظرا لسوء سمعة مدارس الذكور لأسباب ليس هنا مقام الخوض فيها قد يكون مستعدا لحل وسط يمنع عنه تغول المدارس الخاصة وفي نفس الوقت يحفز المدرسة الحكومية على أن توفر لأبنائه تعليما معقولا وجيدا وصولا وعلى مراحل الى تحقيق التعليم المميز في كل مدارس المملكة دون استثناء.
لو قلنا لولي الأمر هل أنت مستعد لأن تدفع مائتي دينار سنويا أو ثلاثمائة دينار مقابل أن نضمن لك مستوى لائقا من التعليم لابنك وذلك بتحفيز المدرسة الحكومية من خلال المعلم وتحفيزه ماديا على مزيد من العطاء وفي نفس الوقت توفير كم أكبر من الوسائل التعليمية..ربما يكون جواب معظم أولياء الأمور نعم.
قد يقول البعض أنه لو سلمنا بصوابية الفكرة فقد يحتاج التطبيق الى سنوات سنقول ولم لا حتى تعمم الفكرة.
هذه الفكرة بحاجة الى صندوق استثماري وستكون بحاجة الى شركات ومؤسسات داعمة من باب المسؤولية الاجتماعية للشركات وقد يفتح لها باب التبرعات وأفكار تمويل أخرى خلاقة ولكن إبقاء المواطن الأردني الذي يضطر لإرسال أبنائه الى المدارس الخاصة ضحية لابتزاز هذه المدارس ...فهذا أمر لم يعد يحتمل حتى من قبل أصحاب الدخول العالية نسبيا من أولياء الأمور.
قد يكون الأمر بحاجة الى مرحلة انتقالية وخطة عمل ولكن بلا أدنى شك هناك فوائد جمة من تطبيق هذه الفكرة.
قد يكون تطبيق هذه الفكرة مدخلا لإعادة هيكلة كاملة للعملية التعليمية وجعل المدرسة تدخل في دورة الإنتاج في المجتمع من خلال تشجيع وتحفيز التعليم المهني واستغلال قدرات وطاقات الطلاب وبدل أن يكونوا عالة على أسرهم يكونوا منتجين من خلال برامج دراسية وأساليب تعليم مختلفة تجسر العلاقة بين المدرسة وسوق العمل وبين التخصصات وحاجات سوق العمل حتى في مراحل الدراسة ولا سيما الإعدادية والثانوية قبل الوصول الى الجامعة.
لا بد لوزارة التربية والتعليم واستكمالا لمسيرة تحديث التعليم أن تضع في الحسبان أن لا يبقى الطالب عالة على أسرته وأن لا تبقى نصف طاقة المجتمع معطلة وأن لا يبقى المجتمع الأردني بكل أطيافه تحت ضغط وابتزاز المدارس الخاصة.
ليست هناك أدنى مبالغة في القول أن الاستثمار في التعليم المميز للابناء هو بترول الأردن وهو عملة الأردن الصعبة على الدوام والتي بكل أسف بدأنا نفقدها تحت عنوان...التعليم لمن يدفع مع أن الذي ليس له قدرة على الدفع قد يكون هو الأقدر على المحافظة على عملتنا الصعبة في التعليم ومخرجاته.
لقد طبقت هذه الفكرة في مجالات أقل إلحاحا وحاجة فهناك على سبيل الحج المميز وهناك اتفاقات بين وزارة الصحة والمستشفيات الخاصة يدفع فيها المواطن صاحب التأمين الصحي الحكومي نسبة من الفاتورة حين يرغب بالعلاج في مستشفى خاص للحصول على خدمة أفضل.
لعل في وضع أسس سريعة وعملية لتطبيق هذه الفكرة ما يمنع تغول المدارس الخاصة ويجعلها تشعر بمنافسة المدارس الحكومية لها في جودة التعليم مع العلم أن هناك جنود مجهولين في كثير من مدارس الحكومة ولا سيما على مستوى مدراء المدارس قد حولوا مدارسهم ومن دون أي تحفيز الى مستويات خدمة أفضل مما تقدمه بعض المدارس الخاصة.
وفي الختام نرجوا أن لا ترمي وزراة التربية والتعليم هذه الفكرة في بئر خرب كما يقول المثل الشعبي لأننا في أمس الحاجة لما يمنع عنا تغول المدارس الخاصة ويغير التفكير النمطي حول أداء المدارس الحكومية ولا سيما مدارس الذكور منها على وجه التحديد.
نيسان ـ نشر في 2016-07-03 الساعة 03:49
رأي: فتح سعادة كاتب أردني وخبير مياه