انقلاب تركيا.. متى سنترك التصفيق وننخرط في صناعة المستقبل؟
نيسان ـ نشر في 2016-07-16 الساعة 13:07
كتب محمد قبيلات.. لم تهدأ شبكات التواصل الاجتماعي منذ ساعة توارد الأخبار عن حدوث انقلاب عسكري في تركيا، وبدأت حالة من النشاط المنفعل تكتسح تلك المواقع، فقسمت الناشطين من روّادها إلى قسمين؛ فرح ومتشفٍ بأردوغان ومؤيديه من الاسلاميين، آخر لم يستوعب الصدمة إلا بعد أن بدأت الأخبار تُعلن فشل الانقلابيين، فبدأ هذا الفريق برحلة التشفي بالمصفقين للانقلاب.
على الصعيد الساسي، توخت الدول العربية جميعها الحذر، ولم تصدر أية ردود افعال رسمية على الحادثة، بينما أظهرت وسائل الاعلام العربية تفاعلها مع الأحداث الدراماتيكية، ونقلت الأخبار أولا بأول، وكانت الغبطة بادية على وسائل اعلام نظامية سورية، ولبنانية، وبعض الفضائيات العربية المعادية للتوجه الاسلامي، بينما فعلت أخرى العكس.
اللافت أن الاراء تكونت جميعها بناء على الأخبار العاجلة، ولم تستند ردود الأفعال تلك، باتجاهاتها كافة، إلى خلفيات حيادية، ولم تتكلف الشروع بقراءة وتأمل متعمق، بل بقيت أسيرة ثنائيات الخير والشر والأبيض والأسود والخيانة والوفاء، باستثناء القليل من الأصوات التي راحت تتحدث عن قوة الدولة التركية، وأهمية الدور الشعبي في صياغة الأحداث.
استخلاص الدروس والعبر من الدرس التركي أهم من التصرف كجمهور أدمنَ التصفيق على أطراف الحلبة، من دون الانخراط الفعلي في صناعة التاريخ، فخلال ساعة أو أقل نزل الناس إلى الشوارع، وحاصروا الدبابات، وانتزعوا المبادرة واستعادوا ضبط الأمور، بينما تصرف بالمقابل الجيش كمؤسسة وطنية رضخت للارادة الشعبية، ولم يقصف الأحياء السكنية أو المعارضين بالبراميل والصواريخ طويلة المدى.
ولا بد من الانتباه لدور المعارضة التركية، وكيف حسمت الأحزاب، المنافسة لحزب العدالة والتنمية، موقفها ضد الانقلاب ومنذ اللحظة الأولى.
تستطيع دولة المؤسسات القوية أن تتجاوز اللحظات العصيبة، ولا تعني النتيجة أن الحوار سيتوقف، كما أنها لا تعني أن الأطراف ملائكة وشياطين، فالعسكر عندهم مشاكلهم، ولو فازوا بانقلابهم لما كانت ستتغير السياسة الخارجية التركية كثيرا، فالموقف من الملف السوري والوجود الروسي واضح، وكذلك الموقف من قضية الأكراد.
بالمقابل حزب العدالة والتنمية لديه الكثير من المشاكل أيضا، ولن يقف إلى جانب الاطراف العربية المؤيدة له تماما، فمعياره الأساس، كما المؤسسة العسكرية والتيار العلماني، مصالح الدولة التركية والالتزام بما يقرره الشعب.
لكن هذه الدروس لن تضيع هباء والعقل الجمعي يستطيع تخزين أكثر مما نتوقع.