تركيا..صوت الشعب يُخرس دبابات العسكر

كتب إبراهيم قبيلات..أعاد الأتراك رئيسهم، رجب طيب أردوغان إلى سدة الحكم رغم نزول دبابات الانقلابيين إلى الميدان، في مشهد يعكس قوة الشارع وصلب إرادته السياسية، بأدوات ديمقراطية، مقابل هشاشة في الانقلاب وأدواته وخطواته لدى قائدي القوات؛ الجوية والبرية.
أن يدعو الرئيس التركي الناس النزول إلى الشوارع_ في أول تصريح صحافي له من منزله_ فهو إقرار سيادي بوزن المواطنين وأهمية رأيهم في تغيير مسارات الانقلاب في بلاده، الرجل لم يتوجه إلى الغرب الذين اكتفوا بالقلق ومراقبة المشهد من بعيد.
استجاب الشارع وأعاد المعادلة إلى سكتها الديمقراطية، بعد ساعات قليلة من تنفيذ الانقلاب، في تجلٍ آخر يؤكد مخرجات الصناديق، التي أوصلت حزب العدالة و التنمية إلى الحذكم.
يدرك أردوغان أهمية الرأي التركي في طرحه وسياساته، الداخلية والخارجية، ويدرك أيضاً أن القضاء سيد المشهد، وهو ما جعله يتمسك بهما باعتبارهما ركيزتين وطنيتين، خلال الساعات الحرجة من الانقلاب.
الانقلاب وأن بدا منظما في بداياته، من حيث التكتيك والتنفيذ الميداني، إلا انه فشل في ضبط المشهد، وإقناع الأتراك بواقع وسيناريو جديدين، لا وجود لأردوغان بهما، فحسموا الملف بساعات قليلة.
لا يمكن إسقاط فكرة حلفاء العسكر من الخارج، خاصة من حلف الشمال الاطلسي، وهو ما يمكن التقاطه من بيانهم الذي تحدث عن بقاء العلاقات الخارجية على سياقها، لكن النسخة التركية أثبتت أن الشارع التركي الأقوى في الميزان وليس التدخلات الخارجية.
في الأثناء، كان للرفض السياسي من مجمل القوى السياسية والوطنية للانقلاب في تركيا دور مؤثر في تعطيله، وعدم توسيع دائرة الفوضى والدم، وهو ما يقدم دليلا آخر على هشاشة الانقلاب وأدواته.
أظهر الانقلاب عمق الحالة الوطنية لدى مجمل أفراد وضباط المؤسسة العسكرية، إذ كانت الأولويات واضحة بالنسبة لهم، فحتى مع تأييد قادة كبار في الجيش لفكرة الانقلاب إلا أن ذلك لم يخولهم إعمال آلة القتل والدمار في الأتراك.
اليوم، انتهت الجولة الأولى لصالح اردوغان، لكن لا يعني ذلك السيطرة على أسباب وعوامل التأزيم، فالباب ما يزال فاتحا أمام صراعات مستقبيلة، سيما وأنه سبق الانقلاب مؤشرات رفض داخلية كثيرة، عبّرت بوضوح عن أزمة داخلية، وتتطلب معالجات جديدة، لم تنجح معها تنازلات اردوغان خلال الايام الاخيرة الماضية، على صعيد العلاقة مع روسيا وإسرائيل ومصر والنظام السوري.