اتصل بنا
 

كربون الحكومات اﻷردنية

نيسان ـ نشر في 2016-07-26 الساعة 11:21

وظيفة رئيس الوزراء في الأردن تشريفية بشكل مطلق وتعتمد على التوارث، ولا يوجد برنامج حقيقي للحكومة، والقرارات تتشابه دائماً بين رؤساء الوزراء المتعاقبين.
نيسان ـ

أصبح مؤكّدا لدى المواطن اﻷردني أن وظيفة رئيس الوزراء تشريفية بشكل مطلق، فعلى الرغم من أن الوظائف الرسمية في اﻷردن، كما في باقي بلدان العالم النامي، تشريفية وليست تكليفية أيضا، إلا أن وظيفة رئيس الوزراء أكثرها تشريفاً.
يثبت من يتقلد وظيفة رئيس الوزراء في اﻷردن وكأنه كان ينتظر دوره، ليتم تشريفه وعائلته وعشيرته بها، وهذا يبدو واضحاً من القرارات التي يتخذها من يكون في المنصب، وهي تشكل الوصف الوظيفي التقليدي لمتقلد المنصب هذا، ربما أنه يعتقد أيضا أن وظيفته من حقوق عائلته وعشيرته المكتسبة، فمهما كان رئيس الوزراء اﻷردني غير معروف، حتى نكتشف، نحن الشعب، أن والده أو أحد أجداده كان قد تقلد هذا المنصب يوماً. بتنا نعتقد، نحن المواطنون اﻷردنيون، أن هذا التوارث للوظيفة هو المعيار اﻷهم، وربما الوحيد الذي يتم على أساسه اختيار رئيس الوزراء اﻷردني، والذي يرشحه بقوة لتقلد هذا المنصب أكثر من غيره.
ومن اﻷمور التي تدعم هذه الفكرة أنه لا فائدة من إعفاء رئيس وزراء، واﻹتيان بغيره، ما دامت القرارات نفسها يتخذها رؤساء الوزراء المتعاقبون، دائما وأبدا، لم نجد يوما اختلافات جوهرية في أسلوب اﻹدارة الحكومية من رؤسائها! لم نشهد رئيس وزراء أردني واحد صاحب برنامج حقيقي، أو سياسة اقتصادية تهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطن، مثلا، أو جلب اﻹستثمارات وتحريك عجلة اﻹقتصاد والقضاء على الفقر والبطالة، أو تشجيع الصناعة المحلية، أو تطوير قطاع السياحة، أو أي شىء. لم نجد ذلك سوى تقليد يكتب على ورق، ويلقى في خطب في مناسبات. هذا مردّه أسلوب اختيار رئيس الوزراء، ليس بناء على البرامج والخطط التي سيعتمدها وحكومته. يتم اختياره بناء على إنتظار الدور والحق المكتسب وتوصيات المحاصصة العشائرية. نجد أن قراراته ورقة مكربنة لمن كانوا قبله. ومعظمها رفع للأسعار، وزيادة في الضرائب، وفرض ضرائب جديدة، وخضوع تام لإملاءات البنك الدولي، وأكثر ما يفعله رئيس الوزراء اﻷردني هو البحث عن مصادر جديدة للقروض لسد عجوزات الموازنة في الغالب، وهذه دائمة ولا نهاية لها. تلك القروض التي عادة ما تعود على المواطن بالتغذية العكسية من إنخفاض لمستوى المعيشة، وانخفاض للقوة الشرائية للدينار اﻷردني، وضنك الحال، والفقر، والبطالة، وزيادة التربة الخصبة للفساد والمفسدين.
مثلا ها هي حكومة الدكتور هاني الملقي اﻷردنية الجديدة، فور تشكلها وقعت برنامج تصحيح جديد مع صندوق النقد الدولي، يقضي برفع أسعار السجائر
والكحول والمحروقات، ورفع رسوم تسجيل المركبات 100%. والتراجع عن خفض الضرائب على اﻷلبسة واﻷحذية، ووضع إطار جديد للإعفاءات الضريبية، تتقلص بموجبه إعفاءات اﻷفراد من ضريبة الدخل، ورفع أسعار الكهرباء مطلع 2017. إذاً، ما الفائدة من إقالة عبد الله النسور وحكومته؟ وهل أن مثل هذه القرارات يحتاج اتخاذها إلى رئيس وزراء جديد وحكومة جديدة؟.
الفائدة الوحيدة ربما من تغيير الحكومات اﻷردنية ورؤسائها هي تحميل جيب المواطن اﻷردني مزيداً من الرواتب التقاعدية لوزراء جدد، واﻹتيان بغيرهم لا أكثر. وهذا ما قصدنا به "مكربن الحكومات اﻷرنية" فهي لا تعدو كونها تكراراً ممل لحكومات يتشرف أصحابها بوظائفهم.
بات المواطن اﻷردني بحاجة ماسّة، أكثر من أي وقت مضى، لحكومة أردنية تتبنى برنامجا حقيقيا وجادّا، يركز على نشل المواطن من فقره وفاقته وحاجته، لا برناج للجباية البحتة. وعدا ذلك، قد يتحول يوما هذا الكربون الحكومي الفاشل، والتكرار المستفز للجباة عديمي الخبرة والمسؤولية، إلى شىء قاتل، عندما يدفع ذلك المواطن إلى حدٍّ يصبح معه غير قادر على تحمل مزيد من السكوت.

نيسان ـ نشر في 2016-07-26 الساعة 11:21


رأي: بشار طافش

الكلمات الأكثر بحثاً