اتصل بنا
 

فتاوى تشعل نار الفتنة

نيسان ـ نشر في 2016-08-02 الساعة 18:06

x
نيسان ـ

كتب إبراهيم قبيلات..انشغل الرأي العام الأردني طوال اليومين الفائتين بشأن فتوى (جواز الترحم) على الفتى المرحوم شادي أبو جابر، باعتباره من الطائفة المسيحية؛ فانفلق المجتمع فلقتين.
بين يجوز ولا يجوز يبدأ الحديث إلكترونيا، ثم سرعان ما يتطور إلى "حفلة تكفير" مدفوعة الثمن، تطال كل من يقف على الحياد، وليس من تجرأ وامتلك رأياً مخالفاً، في انعكاس لسموم مجتمعية بدأت تظهر على السطح، بفعل أدوات التكنولوجيا، التي ساهمت بخلق رأي عام منقسم في حادثة أبو جابر.
صحيح أن المجتمع الأردني لم يألف هذا الرفض الطائفي مسبقاً، وصحيح أن الموضوع أخذ حيزاً كبيراً، لكن علينا الإقرار بأن من نادوا بعدم جواز الترحم، هم بيننا، شئنا أم أبينا، وهو امتداد لجملة من الأفكار السوداوية، وهناك من يتبناها سواء في المسجد أو الكنيسة، لكننا نخجل من حالة المكاشفة لاعتبارات كثيرة.
أبو جابر ذهب إلى (رب العالمين) بعد أن تعرّض لحادث سير قبل أيام، فيما انتقل الحوار من صفحات التواصل الاجتماعي إلى بيوتنا وشوارعنا وبعض من تفاصيل حياتنا اليومية، في تعبير حقيقي عن أزمات مجتمعية دفينة، لكنها أخذت بالانتشار بعد أن استفاقت دائرة الإفتاء من غفوتها، وأصدرت فتواها بجواز التعزية.
"فتوى" صيغت على استحياء، وعبّرت عن أزمة رسمية أيضاً في معالجة القضية، حيث اكتفت بقولها "يجوز تعزية المسلم لغير المسلم". لم هذه "الغمغمة"؟. ولم لا نسمي الأشياء بمسمياتها؟.
إذا كانت الدولة تخشى من تمزيق مواطنيها إلى مزيد من الهويات الفرعية، خاصة الطائفية منها، عليها ان تعمل على نزع أسبابها ولجم أصحابها بالقانون، وإلا سيجد كثيرون من المسكونين بأحقادهم الفرصة سانحة كلما مات مسيحياً وذهبنا للتعزية به.
اليوم، علينا أن نتنبه لخطورة تقسيم المجتمع عامودياً بعد أن نجحت عوامل كثيرة في تقسيمه أفقياً، وهو ما يعني بقاء المجتمع رهين ارتدادات وحوادث يومية أو فتاوى تشعل نار الفتنة بيننا.
ادارة العلاقة بين مكونات المجتمع يجب أن لا تبقى في عهدة رؤوس الفتنة، فالعلاقة بين جميع الأردنيين تصاغ وفق أسس المواطنة، من دون أية اعتبارات للخلفيات الدينية، فما يجمع بيننا أكثر بكثير مما يفرّق، ولا نحتاج لفتاوى، ولا حتى تلك التي تؤيد البدهيات الانسانية التي فُطِرَ وتعايش عليها الناس.

نيسان ـ نشر في 2016-08-02 الساعة 18:06

الكلمات الأكثر بحثاً