عن ابن الوزير وابن الخفير
نيسان ـ نشر في 2016-08-04 الساعة 13:10
كتب محمد قبيلات...ثمة أخبار يتم تداولها على وسائط التواصل الاجتماعي، تتحدث عن تعيينات لأبناء مسؤولين في مناصب دبلوماسية وادارية عليا، على وجه التحديد، الحديث يدور حول تعيين ابناء مسؤولين كبار في مواقع لا يمكن أن يصل إليها أي مواطن إلا بعد عذابات التدرج الوظيفي الطويل.
حديث النشطاء حول هذه الممارسات عادة ما يُغلّف بانواع من الكوميديا السوداء، بسبب الشعور العام باللاجدوى من كل أشكال ووسائل النقد الذي يمارسه الشارع لتعديل سلوك المسؤولين، فمهما تزركشت الحكومات بشعارت الاصلاح والتحديث والتطوير؛ تظل ابنة الثقافة السائدة في أوساط الطبقة السياسية، والتي تتعامل مع مؤسسات الدولة بعقلية الاقطاعي الذي يدير مزارعَ وأطيانا ورثها عن الاباء والأجداد.
لا يُنكر على ابناء واقارب المسؤولين ممارسة حقهم في المنافسة على المناصب والوظائف الرفيعة، لكن أن يتبوأ هؤلاء الشباب المناصب الحكومية الحساسة؛ فذلك يعني ببساطة أنه تم استغلال السلطة لأغراض خاصة من قبل خاصتهم من المسؤولين النافذين، وحتى لو تم هذا التعيين في القطاع الخاص، فإنه استغلال للمنصب سيؤدي حتما لتمرير تسهيلات- على حساب المصالح العامة- للشركات الخاصة التي سهلت تعيين اقارب أو محاسيب للمسؤول الحكومي.
تحتاج مؤسسات الدولة إلى عملية نفض كامل، بحيث تتشكَل ثقافة جديدة تتعامل مع شبهات الفساد لدى الطبقة السياسية كأنها فساد فعلي، وهذا ما يُرسّخ هيبة الدولة. فلا يضر بهيبة الدولة أكثر من تطاول المسؤول الذي يستغل وظيفته ومركزه، من خلال خرقه القوانين .،وعدم مراعاته أخلاقيات العمل السياسي
هناك للأسف خلل اخلاقي بات يستشري بين العاملين في الادارات الحكومية، فبدل ان تقاس كفاية الموظف العمومي بالنجاح والابداع وما يقدمه في مجالات الخدمة العامة، تقاس كفايته بما حصّله من مكاسب له ولعائلته، فمعظم من عملوا كوزراء او مدراء في الدولة، حصلوا على مكاسب كبيرة لهم ولأبنائهم.
المشكلة الآن ان الناس فقدوا الثقة بكل ما يقال من قبل الحكومات، وينظرون لكل القوانين على انها تهدف لتغطية ما تم الاستيلاء عليه من الوزراء والمسؤولين، وصار المواطن العادي ينظر إلى كل اجراء بعين من الريبة حتى لو كان صحيحا.
هيبة الدولة تتحقق عندما يلتزم المسؤول بالقوانين وبأدبيات وأخلاقيات العمل السياسي قبل التزام المواطن الذي لا تتجاوز مخالفاته حدود "فشّة الغِلّ".