اتصل بنا
 

قنبلة موقوتة.. تنظيم الدولة ينهار

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

x
نيسان ـ

ربما تكون دعوة جامعة الدول العربية، هذا الأسبوع، لقوة متعددة الجنسيات لدفع تنظيم "الدولة" من معاقله في سوريا والعراق جذّابة لأولئك الذين يخشون من تأثير الوجود الإيراني المتزايد في سوريا والعراق، لكن لا تزال تشعر بالقلق لأن الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ليست حلًّا فعالًا للتمرد على الأرض.

كما يُؤجِّج تعهد "بوكو حرام" الانتهازي بالولاء لتنظيم "الدولة" مخاوفَ أخرى حول موقف المجموعة المتنامية في الحركة الجهادية الدولية، وضرورة التوصُّل إلى حل أكثر حزمًا، بحيث يتراجع تنظيم "الدولة" وتظهر قدرته على تجنيد المقاتلين الأجانب.

ومع ذلك، يواجه تنظيم "الدولة" أزمته الوجودية الخاصة به سواء من حيث التنظيم أو الأيديولوجية، فحيث إنه يحارب على عدة جبهات، سعى خليفة تنظيم "الدولة" الذي نصّب نفسه، أبو بكر البغدادي، جاهدًا لإنشاء دولة تتمتع بالممارسة العملية، مع التركيز أكثر على نيّة الجماعة لتحقيق مزيدٍ من التوسع، وصنع خدع إعلامية، أكثر من تركيزه على إنشاء نظام حكم مؤسسي فعلي.

من الناحية النظرية، لدى تنظيم "الدولة" هيكل حكم هرمي لأراضيه، ويعتمد هذا الهيكل على عدد متزايد من المقاتلين العرب والأجانب، الذين لديهم أهداف ودوافع واختلافات متفاوتة بينهم.

وقد أشارت "ليز سلاي" هذا الأسبوع في "واشنطن بوست"، إلى أن المقاتلين الأجانب والعرب تعساء لوجودهم بجوار السكان المحليين، وهم يتقاتلون في بعض الأحيان مع بعضهم البعض على أهداف تنظيم "الدولة" الحربية، ووضعهم داخل الدولة الجديدة، وعلى تخصيص موارد الدولة.

ويثير هذا كلُّه تساؤلًا جديًّا حول ما إذا كان "البغدادي" سيقدر على الحفاظ على "دولته"، بينما يُواجه ضغطًا متزايدًا على جبهات متعدِّدة.

وتشير تقارير عديدة إلى أن السوريين والعراقيين الذين يعيشون تحت حكم تنظيم "الدولة" يجدون أن الحياة في الدولة الجديدة ليست على ما كان يأمل الكثيرون فيه، بعد عقود من سوء الإدارة في ظل الأنظمة السابقة.

إلى جانب هذه التناقضات والمشاكل التنظيمية، فأيديولوجية تنظيم "الدولة" -على عكس القاعدة- تُركِّز على "العدو القريب"، فيمكن أن تساعدها على تشكيل تحالفاتٍ جديدة مع جماعات مثل "بوكو حرام" ومتشددين في ليبيا واليمن، والذين يقاتلون أيضًا بواقِيَ مختلفةً من حكومات الولايات.

ومع ذلك، لم يكن هذا الفكر جذابًا بما فيه الكفاية للحفاظ على توسع المجموعة الإقليمي إلى مناطق جديدة من سوريا والعراق، حيث لا يُشارك المسؤولون المحليون أو المقاتلون أيديولوجية تنظيم "الدولة" ولا رؤيته.

وإذا كان التاريخ دليلًا، فربما تكون أيديولوجية تنظيم "الدولة" أيضًا مفيدةً للمجموعة.

تعلَّم أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، هذا الدرسَ قبل عقدين من الزمن في مصر عندما كان زعيمًا لحركة الجهاد الإسلامية، فقد عقد تحديًّا فاشلًا لحكومة الرئيس الأسبق حسني مبارك.

كان فشل حركة الجهاد الإسلامي في مصر نتيجة إلى حد كبير لوحشية تكتيكات الجماعة، التي تُنفّر السكان المحليين.

انتقد أسامة بن لادن نهج العدو "القريب" لهذا السبب بالذات، وبالتالي، أمر تنظيم القاعدة باستهداف "العدو البعيد".

وبخلاف تلك التحديات التنظيمية والأيديولوجية، يواجه تنظيم "الدولة" مجموعة من التحديات العسكرية، بما في ذلك معدل الخسارة المتزايدة بين المقاتلين الأجانب، والخسارة البطيئة في الأراضي.

ومن شأن الحصار المستمر لتكريت في أواخر الربيع، أو هجوم الصيف في الموصل أن يزيد من موقف تنظيم "الدولة" الذي يزداد سوءًا في العراق.

لا يمكن لهذه الهجمات وحدها القضاء على تنظيم "الدولة" في العراق، إلا أنها على أقل تقدير سوف تضع الجماعةَ في موقف دفاعي حتى يُمكن بناء هياكل حكومية بديلة.

في سوريا، من ناحية أخرى، تواجه سيطرة تنظيم "الدولة" على الأرض الحملة الجوية التي تقودها الولايات المتحدة، وحملة برية منفصلة يقوم بها الجيش السوري وحزب الله، وبالتالي يزداد الضغط على الجماعة إقليميًّا وماليًّا؛ لأنه يُفقدها الوصول إلى طرق التهريب والمنشآت النفطية، والمقدّسات الحضرية، ومع ذلك من المحتمل أن يتجنّب تنظيم "الدولة" تلقّي هزيمة كاملة في سوريا، طالما ظل الوصول إلى حلٍّ سياسي للحرب الأهلية الدائرة في ذلك البلد أمرًا بعيد المنال.

بغضّ النظر عن قدرته على السيطرة على الأراضي أو تمويل نفسه، يعتمد تدمير تنظيم "الدولة" على أوجه قصور المنظّمة وأيديولوجيتها، فالحكومة التي تقبع في حالة حرب هي حكومة لا تُركِّز على بناء الدولة، والاعتدال الطبيعي اللازم للحكم بالمقارنة بالحرب سيؤدي إلى انقسامات داخل المنظمة، وصراع على تخصيص الموارد.

يغذِّي تلك "الدولة" ويضمن استمرارها تطرفها الخاص، ولن يصبح أبدًا العنف المتزايد الدولة المثالية التي يناضل من أجلها العديدُ من مؤيديها المتطرفين، بدلًا من ذلك سوف تخرب في رمال العراق وسوريا.

وبالتالي فمن الحكمة بالنسبة للولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وشركائهما الإقليميين، أن يعزِّزوا استراتيجيات مكافحة تنظيم "الدولة" القائمة، مع تجنُّب إغراء تنظيم حملة عسكرية برّية جديدة في سوريا والعراق، والتي تنطوي على مخاطر وقيود خاصة بها.

بغضِّ النظر عن المبادرات المبنية على نقاط الضعف المشتركة، وتدابير مكافحة الإرهاب ستهزم واشنطن تنظيم "الدولة" بشكل أكبر عن طريق الانتظار حتى تنهار المنظمة من الداخل.

على هذا النحو، على الغرب التركيز على دعم خيارات الحكم البديلة لسوريا والعراق، والتي يمكن أن تقدم مستقبلًا أكثر استدامة من المستقبل العنيف والتقشف الذي قدمه "البغدادي" إلى السوريين والعراقيين.

بقلم:

أندرو جيه. بوين

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

الكلمات الأكثر بحثاً