السيدة الأولى.. سيدة وأولى
نيسان ـ نشر في 2016-08-09 الساعة 12:43
المرأة القائدة في العالم اليوم: مقارنة بين تيريزا ماي ومارغريت ثاتشر وتحدياتهما المختلفة
في العلم، وفي الهواية، تميل الناس إلى المقارنات والتشابيه، لأنها تشكل نوًعا من الإضاءات والأسانيد مًعا. وكان تلقائًيا أن تشَّبه رئيسة الوزراء البريطانية الجديدة تيريزا ماي بالزعيمة التاريخية مارغريت ثاتشر: سيدتان، وعاملتان في حزب المحافظين، وقادمتان من طبقة متوسطة.
هذا في الشبه، أما في المقارنة فلا بد من مضي وقت كاٍف قبل أن نرى مدى الفوارق والمقاربات. السياسة ليست أشخاصا فقط، بل مراحل أيًضا. ثاتشر جاءت في مرحلة كانت فيها بريطانيا مهيأة ومستعدة للتغيير. كانت شخصية حديدية، ولكن المرحلة كانت تتطلب أيًضا الضرب بيد من حديد لإنقاذ البلد من التهالك والفوضى العارمة التي أغرقته فيها الاتحادات العمالية. وكما قالت في مذكراتها، فإن صناعة التاريخُتبنى على الحقائق، وليس على التيارات، ويجب أن تركز على بريطانيا، وليس على بقية العالم. وسارعت إلى تحرير المدارس الرسمية من نفوذ النقابات، كما سارعت إلى الحد من صلاحيات المجالس المحلية منًعا للفساد والتبذير.
جاءت ثاتشر في وقت كان وصول امرأة حدًثا. أما اليوم، فالعالم مليء بالمرأة القائدة، من بلد مثل ألمانيا إلى بلد مثل بنغلاديش، إلى دول صغيرة مثل مالطا وموريشيوس، وحتى الأمس إلى الأرجنتين والبرازيل. وقد يحدث في نوفمبر (تشرين الثاني) أن تصبح هيلاري كلينتون، ليس فقط أول امرأة رئيسة، بل أول زوجة رئيس أيًضا. وكان دور «الأميركية الأولى» في الماضي أن تكمل الصورة الجذابة إلى جانب الرئيس، ميمي أيزنهاور، وجاكلين كيندي، وروزالين كارتر، ونانسي ريغان.
لم يعد الأمر مفاجًئا في عالم اليوم، ولا ظاهرة. المرأة لم تعد تحكم من وراء الستار، بل من أمامه، بل أصبحت تتزعم المعارضة، مثل أونغ سان سوتشي في بورما، وقبلها بي نظير بوتو في باكستان، والآن مارين لوبن في فرنسا. وحتى في آسيا، تترأس الدولة سيدتان في تايوان، وفي كوريا الجنوبية، من أهم النماذج الاقتصادية في العالم.
كان التحدي الكبير أمام مارغريت ثاتشر داخلًيا، والتحدي أمام تيريزا ماي مرتبط بالخارج: كيف تنفصل بريطانيا عن القارة الأوروبية بالحد الأدنى من المضاعفات؟ ومن هو وزيرها «الأول» ويدها اليمنى؟ مارغريت ثاتشر لم تكن تجيد فن الخطابة فقط، بل فن الإصغاء أيًضا. الحكم ليس «مونولوًغا» دائًما. هذا كان فن شكوكو.
نيسان ـ نشر في 2016-08-09 الساعة 12:43
رأي: سمير عطا الله