اتصل بنا
 

القانون وحده يعالج إهانة الشعور الديني

محامي واكاديمي

نيسان ـ نشر في 2016-08-13 الساعة 21:57

منشور كاتب أردني يثير سخط العامة بتطاوله على الذات الإلهية ويثير النعرات الدينية في الأردن
نيسان ـ

أثار منشور احد الكتاب الأردنيين على صفحة الفيسبوك سخط العامة بعد أن تطاول على الذات الالهية، فالمنشور ومن وجهة نظر الكاتب "يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهة عما يروّجوه الإرهابيون ". هكذا دافع الكاتب عن مشاركته كاريكاتير تضمن إساءة للذات الإلهية.
في الحقيقة، لم يوفق الكاتب بما ساق من تبريرات بعد أن لمس حجم الغضب الذي اكتنف الشارع الأردني، فراح يبرر ويقسم الناس ممن غضبوا إلى نوعين؛ "أناس طيبون لم يفهموا المقصود بأنه سخرية من الإرهابيين وتنزيه للذات الإلهية عما يتخيل العقل الإرهابي؛ وهؤلاء موضع احترامي وتقديري، وإخونج داعشيون يحملون المخيال المريض نفسه لعلاقة الإنسان بالذات الإلهية. وهؤلاء استغلوا الرسم لتصفية حسابات سياسية لا علاقة لها بما يزعمون".
يأتي المنشور في وقت مشحون بخطابات الكراهية وإثارة النعرات الدينية واختلاف مكونات الشعب الاردني حول الكثير من القضايا اليومية التي أصبحت موضع نقاش واتهام كل طرف وأخر .
وعلى الرغم من الاختلافات ما هي الا فقاعة وهي حالات فردية الا أن عدم معالجتها يشكل خطرا عاما على وحدتنا الوطنية وعلى ثوابتنا الوطنية، وعلى ما تشكلت به هويتنا من قبول كل الأطراف ولا فرق بين مسيحي او مسلم الا بمقدار حبنا وولائنا الى الأردن، وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا يشهد بذلك . وعليه فانني اجزم بان غضب المسيحيين على هذا المنشور كان بمقدار غضب المسلمين؛ فالرب واحد وكل منا يعبد ويصلي للرب وفقا لمناسكه وطقوسه الخاصة.
أن سرعة انتشار البوست ( المنشور) وتداوله بين مستخدمي مواقع التوصل الاجتماعي تبعه فورة غضب أردنية شملت كل مكوناته حتى أن دولة الرئيس أوعز لوزير الداخلية للتحقيق بالموضوع.
الاهتمام من دولة الرئيس ووزير الداخلية مقدرة من الجميع، ولا يمكن لاي احد انكار واجبهم في الحفاظ على الامن والنظام والاستقرار. ونقدر ونتفهم دور الحاكم الإداري والمتمثل في القيام بالإجراءات الضرورية لمنع وقوع الجريمة او ما يطلق عليها صلاحيات الضبط الإداري والتي تستهدف منع وقوع الجرائم .
وقد تضمن قانون منع الجرائم صلاحيات الربط بالكفالة العدلية وابقاء الشخص موقوفا لحين تقديم الكفالة . لكن من المؤسف أن نتحول الى مدعين عامين وقضاة وأن نتسرع في اصدار الاحكام الجزائية واصدار الفتاوى والتعميم .
فبالتطبيق القانوني وبكل الجرائم وتحديدا في قضايا النشر، أن مجرد النشر وبطريقة علنية وباستخدام وسيلة من وسائل النشر علنا يعني قيام جريمة، فالاولى أن تباشر الاجهزة القضائية ممثلة بالمدعي العام التحقيق بها ودون اقحام الحاكم الاداري بهذه المسألة القانونية البحتة ، فصلاحيات الضابطة العدلية وتحديدا في الجرائم التي ترتكب بواسطة الوسائل الالكترونية محددة بموجب المادة 23 من قانون الجرائم الالكترونية تكون بعد انابة من المدعي العام .
كما ان صلاحيات تكيف الافعال وصلاحية تحديد المحتوى الذي نشر هو من اختصاص المدعي العام ، والمدعي العام هو القادر على تحديد المحكمة المختصة سواء كانت محكمة امن الدولة او بداية الجزاء او صلح الجزاء، فالنصوص القانونية مختلفة ، فقانون العقوبات الأردني تضمنت نصوصه وصفا لحماية المجتمع من مثير النعرات الطائفية والدينية وتتبلور هذه الحماية بنص المادة 150 من قانون العقوبات الاردني والتي تنص " المادة (150( كل كتابة وكل خطاب أو عمل يقصد منه أو ينتج عنه إثارة النعرات المذهبية أو العنصرية أو الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر الأمة يعاقب عليه بالحبس مدة ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبغرامة لا تزيد عن خمسين دينارا.ً
كما تضمن قانون العقوبات نصا يعاقب على اطالة اللسان من ارباب الشرائع من الانبياء ويعاقب مرتكب هذا الفعل بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات وفقا لنص المادة 273 عقوبات اردني .
اما عن جريمة اهانة الشعور الديني والذي نصت عليها المادة 278 " يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر او بغرامة لا تزيد عن عشرين دينارا كل من نشر شيئا مطبوعا او رسما من شأنه أن يؤدي الى إهانة الشعور الديني.
مع هذا فقد احسن عطوفة المحافظ با صدار قراره باحالة القضية الى المدعي العام هو الاجراء الأنسب والمتفق مع تطبيق احكام القانون ، وأن تدخل دولة الرئيس ومعالي وزير الداخلية وحكمة المحافظ ساهمت في تخفيف التوتر وعلى صفحات التواصل الاجتماعي .
بقي أن نقول إنه وبمجرد وصول الأوراق التحقيقية والبلاغ الى المدعي العام فأنه لا يجوز النشر ولا يجوز التشكيك باجراءات التحقيق خوفا من التأثير على سير العدالة .

نيسان ـ نشر في 2016-08-13 الساعة 21:57


رأي: د.صخر الخصاونة محامي واكاديمي

الكلمات الأكثر بحثاً