اتصل بنا
 

هزات ارتدادية لزلزال باردو:الإرهاب يفرض التعايش السلمي على الأحزاب؟

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

x
نيسان ـ

عشرات بين قتلى وجرحى: كانت هذه الحصيلة الآنية لعملية باردو الإرهابية، لكن لم نكد نفيق من الصدمة حتى بدأت الهزات الارتدادية الإيجابية، فعلى المستوى الأمني حققت الداخلية أهم إنجاز طيلة فترة ما بعد الثورة بالقضاء على الإرهابي الخطير أبي لقمان ومرافقيه دون خسارة من جانب أعوان الحرس الوطني.

وعلى المستوى الاقتصادي تعددت الوعود حول الهبات وتحويل بعض الديون إلى استثمارات. وعلى المستوى الاجتماعي اصطف التونسيون كلهم أو على الأقل أغلبيتهم الساحقة ضد الإرهاب، فكيف كان الأمر على المستوى السياسي؟.

كانت عملية باردو فرصة للقضاء ولو إلى حين على الحزازيات والخلافات والتجاذبات السياسية عدا حالتين سنستعرضهما لاحقا. فلأول مرة يلقي رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي خطابه بمناسبة عيد الاستقلال (يومان بعد عملية باردو) بحضور جميع الأحزاب وجميع الفاعلين والزعماء السياسيين (المرزوقي وبن جعفر والشابي وغيرهم).

تغريد خارج الصف

نعلم مدى الخصام بين المرزوقي وقايد السبسي وندرك أيضا تلك الخلافات الكبيرة بين نداء تونس وحراك شعب المواطنين (على الأقل كفكرة). لكن هذا لم يحل دون حضور المرزوقي خطاب قايد السبسي ومشاركته في المسيرة العالمية ضد الإرهاب.

كانت هذه مجرد صورة للتعايش السلمي لا يمكن أن تمر دون ربطها باللقاء الذي جمع رئيس الحكومة الحبيب الصيد بزعماء الأحزاب والمجتمع المدني بعيد حادثة باردو. ولعل الاستثناء الوحيد جاء من حزب المسار والجبهة الشعبية اللذين عارضا المسيرة واختارا التغريد خارج الصف واستغلا الفرصة لمهاجمة حركة النهضة لمجرد مشاركتها.

أما حزب المسار الديمقراطي فقد تراجع في قراره ولعل ذلك يرتبط بموقف الأمين العام السابق أحمد ابراهيم الذي شجع على المشاركة في المسيرة ولم يترك أي عذر لمقاطعتها. أما الجبهة الشعبية فارتأت المقاطعة حتى لا تلتقي حركة النهضة باعتبارها «مسؤولة عن الإرهاب ومشجعة عليه» من وجهة نظر الجبهة.

هذا الموقف يتعارض مع وحدة الصف التي تتطلبها هذه المرحلة ولكن ما يهون منها أنها لم تكن مؤثرة ولم تمنع نجاح المسيرة ولم تحجب هدفها المتمثل في وقوف الجميع صفا واحدا ضد الإرهاب.

فرص يجب استغلالها

قد يكون لغياب الاستحقاقات الانتخابية دور في تخلي الأحزاب عن خلافاتها ذلك أن الاستحقاق الأول وهو الانتخابات البلدية ما زال بعيدا نسبيا (السنة القادمة). ولكن ما كان لتجاذباتها أن تخفت لولا زلزال باردو الذي وضع الجميع (أحزابا ومنظمات ومواطنين...) في خندق واحد ذلك أن الإرهاب لا يميز في ضرباته ولا يستثني أحدا.

ولعل الإيجابي في خفوت حدة التجاذبات السياسية أنها توفر جملة من الفرص الثمينة الواجب استغلالها: فهي تعطي الفرصة للحكومة حتى تتقدم في تنفيذ برامجها وقراراتها وتحول دون تعلل البعض بحقوق الإنسان في الاعتراض عليها. ولهذا فما على الحكومة إلا استغلال هذه الفرصة في العمل مع السعي إلى عدم ارتكاب أي خطأ قد يسحب البساط من تحتها ويعيدنا إلى عالم الخلافات والتجاذبات الحزبية.

الفرصة تبدو مناسبة أيضا أمام الأحزاب للنظر بجدية في اقتراح رئيس الحكومة إنشاء مجلس للأحزاب، ذلك أن هذا المجلس قادر في صورة الاقتناع بجدواه على امتصاص كل الخلافات الحزبية وإسناد الحكومة في قراراتها التي تعود بالنفع على الجميع بدل الوقوف ضدها ومعارضتها لمجرد المعارضة.

ومع هذا كله فالفرصة سانحة أمام الناخبين لإعادة استكشاف أحزابها والوقوف على مدى وطنيتها ومدى تغليبها المصلحة الوطنية على المصلحتين الحزبية والشخصية ففي المحن والشدائد تعرف المعادن ألم يقل الشاعر: «جزى الله الشدائد كل خير ... وإن كانت تغصصني بريقي. وما شكري لها حمدا ولكن ... عرفتُ بها عدويّ من صديقي»؟.

الشروق التونسية

نيسان ـ نشر في 2015-04-01

الكلمات الأكثر بحثاً