اتصل بنا
 

ثرثرة انتخابية خارج السرب

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2016-08-17 الساعة 12:41

الثرثرة السياسية في الأردن: انقسامات وانشقاقات تشبه تقسيم المقسوم
نيسان ـ

على الرغم من أن للثرثرة في بلادنا مواسم وطقوسا يعتمد فيه الناس على مخزونهم الثقافي من النميمة والحسد وخلافه الا أنها تحولت في الايام الحالية الى متنفس سياسي يغرد الجميع فيه على هوى من يهواه.
اما الذين قرروا أن يثرثروا خارج السرب فقد أدركوا مبكرا ان الامر لم يكن في يوم من الايام الا مجرد لعبة يتقاسمها العارفون ببواطن الامور.
وعلى غرار التجارب السابقة في الانتخابات النيابية التي تحول الحديث عنها في الشارع الى حالة شبه مستعصية من اللامبالاة والإحباط وفي أحسن الحالات ينقلب هذا الاهتمام الى سخرية ممزوجة بالكثير من النكت والتهريج .
ما هو غير او مستساغ ولا يمكن فهمة ان يزعم احد انه يستطيع أن يشبع الفرد رغباته ويحقق أحلامه لمجرد الإفراط في الحديث عنها، او لمجرد انه ثرثر فيها لمن هم حوله.
وقد يبدو المشهد مضحكا إذا سمعنا عن مواطن قرر الاختيار بمحض ارادته دون ان تؤثر فيه عوامل الثرثرة والنميمة التي أكتست على مر السنين طابع الولاء للعشيرة ولأصحاب النفوذ.
في الحقيقة لقد باتت الثرثرة اليومية للشارع تنطلق من مصالح ذاتية وآنية واحيانا عشائرية، ولكنها في النهاية ووفق الاجماع الشعبي فإن كل ما يجري لن يكون ذا جدوى او فائدة بعد ان اجتر الناس ويلات اختياراتهم السابقة.
أكثر ما يحزن في المشهد الأردني بشكل خاص، وتحديدا البعد المتعلق بالانتخابات البرلمانية، هو حالة الانقسام اللاإرادي التي يعيشها المجتمع، حالة من اللاتوافق ومن اللاانسجام وغياب الرؤيا، حالة لا يمكن وصفها الا انها تشبه تقسيم المقسوم وتكرار المكرر وتقوية القوي.
وفي المشهد الانتخابي أيضاً اصطفافات وتلوينات و»خربطة « طالت كل شيء، وانشطار أتى على كل مكونات المجتمع، بدءاً من البيت، مروراً بالحارة، وصولاً إلى العشيرة، أمّا القوى السياسية فهي مقسومة فيما بينها بل مقسومة حتى على ذاتها وتائهة دون سبب، تبحث عن موطئ قدم لافراد اعتلوا قمتها ولكنهم أبقوها في القاع.
يصف احد المراقبين الواقع الذي يمضي فيه المجتمع بالموسم الانشقاقي، ففي المشهد ترقّب وقلق وعدم ثقة وانتظار وسنياريوهات محتملة، وتحليلات تنطلق في كل حي وفي كل عشيرة، بل في كل بيت بل قد ينقسم الانسان على نفسه.
وبما ان الثرثرة هي كثرة الكلام، وهي داء ومرض خطير يصيب الكثير من الناس، رجالا ونساءً على السواء. وهي خروج عن الحد المسموح به من الكلام، وعن ضوابطه أيضا. وهي تصيب الكثير من الناس، لدرجة أن هؤلاء لا يستطيعون العيش من دون ثرثرة. فان الثرثرة في الشأن الانتخابي تشبه الخوض في الفراغ «حكي من اجل الحكي»؛ نظرا لان التغيير ممنوع حتى إشعار آخر، او بقرار من أعلى الهرم.

نيسان ـ نشر في 2016-08-17 الساعة 12:41


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً