اتصل بنا
 

حين استبدل الموظف أدواته الاحتجاجية بـ(يمينه)

نيسان ـ نشر في 2016-08-18 الساعة 12:31

x
نيسان ـ

كتب إبراهيم قبيلات...مؤخراً، تناقلت وسائل الإعلام المحلية تعرض العديد من المدراء والمسؤولين في البلاد، لحوادث اعتداء من موظفيهم، وسط مؤسسات تغيب في مجملها العدالة بين الموظفين، لصالح تكريس ثقافة الشللية والمحسوبية، فأستبدل العامل أدواته الاحتجاجية بـ"يمينه" كلما استدعت الحاجة.
إن رفضنا المطلق لتعرض المسؤول وحتى الموظف للضرب لا يلغي ما ينطوي عليه المشهد من جملة تساؤلات، فضلاً عما تؤشر إليه الحوادث من مظالم، ستقود بالنهاية إلى حالة من الرفض لنمط الإدارة ومنهجيتها.
نؤمن بأن العدالة الاجتماعية بين الموظفين تعني حاضنة الإدارة ورافعتها الديمقراطية، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل التالي: هل يدفع الظلم موظفاً إلى ضرب مديره؟ وهل ضرب المدير يحل الإشكال ويزيل الظلم؟.
لا شك أن الضرب شكل من أشكال العنف المجتمعي الموجود بيننا منذ عقود، ولا يمكن بحال من الاحوال مناقشة ضرب موظف مديره بمعزل عما يحدث في المجتمع من عنف، تسربل إلى مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا وحتى أسرنا، ما يعني نشأة جيل بأكمله على ثقافة الضرب كأداة رفض أو لمواجهة ظلم ما.
في الإدارات الناجحة نبحث عن الأسباب لمعالجتها، ونلتقط الإشارات من المقدمات لنبني عليها. لكن ماذا عنا نحن؟.
مجمل حوادث الاعتداء التي تعرض لها المدراء في الدولة الأردنية انتهت إلى شكوى في المركز الامنية ثم تحويلها إلى القضاء، وتالياً إلى فقرة عشائرية يعترف فيها ذوو المذنب ويطلبون الصفح من المدير المضروب، لكنّ أحداً من صانعي القرار لم يلتفت إلى الحادثة بوصفها تعبيراً عن رفض الموظف لنهج الإدارة.
ونحن هنا لا ندافع عن الموظف بل نفتح المجال واسعاً لرؤية ترفض الاكتفاء بالإدانة والشجب، وتتمسك بالنبش عميقاً في الأسباب الموجبة لضرب المدير، في إطار رؤية علمية تأخذ باعتبارها أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية كمرتكز رئيسي لتطوير المؤسسات ورفع مستوى الإنتاج فيها.
حتى لا نصل إلى عدائية مفرطة يجب علينا الالتفات إلى منابع العنف وأصوله في مؤسسات الدولة، وعدم الاكتفاء بترديد "إنفاذ القانون"، -على أهميته- في وقت يدرك الجميع أن تفشي المحسوبية والفساد عطّل كثيراً من مؤسسات الدولة وحوّلها إلى مزارع، آخر ما يعنيها مهارات وأدوات الموظفين الإنتاجية.
إن الاكتفاء باعتقال الموظف بعد ضربه مديره من دون الوقوف على أسباب لجوئه للضرب يعني تسكين موضعي للجرح وسينفجر بعد أول حادثة ظلم جديدة، نريد إجراء حركة تصحيحية لنمط الإدارة وأدواتها، تقتلع أسباب العنف من جذوره بانحيازها الطلق لمعايير الكفاءة والإنتاجية بين الجميع سواء أكانوا مدراء أم موظفين.
واهم من يعتقد ان اعتقال موظف "مظلوم" سينهي المسألة الاحتجاجية، وسيضع نقطة لصالح إدارة متعطشة لهيبة مسلوبة، فلا أحد يضمن تطوير شكل الاعتداء وادواته، وأخذه مظاهر جديدة تؤدي إلى فوضى عارمة، طالما هناك ظلم ويتغذى صاحبه على أسباب مستمرة.

نيسان ـ نشر في 2016-08-18 الساعة 12:31

الكلمات الأكثر بحثاً