اتصل بنا
 

(راوية) طفلة مستقبلها في مهب المناكفات والصراعات الأسرية

نيسان ـ نشر في 2016-08-22

x
نيسان ـ

والدة راوية (اسم مستعار) تتملكها مخاوف على مستقبل طفلتها التي آل مصيرها في دور الرعاية، تتنقل من دار الى أخرى، فيما مستقبلها الدراسي يضيع بين مناكفات "من صاحب الأحقية في حضانة الطفلة" بعد طلاق أبويها.
فمع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد تتملك والدة الطفلة مخاوف من فقدان ابنتها حقها في الدراسة، حيث تقيم الطفلة ذات الـ14 عاما في احدى دور الرعاية الخاصة بالمعنفات.
وكانت الطفلة التي نشرت "الغد" قصتها سابقا ألحقت بدور الرعاية بشهر آذار (مارس) الماضي بعد هروبها من التعنيف والضرب وسوء المعاملة التي كانت تتلقاها من قبل زوجة والدها.
تقول والدة الطفلة لـ"الغد"، خلال الأشهر الماضية حاولنا بكل الوسائل "الضغط لإيجاد حل لقضية راوية، لكن جميع الحلول باءت بالفشل، فالأب متمسك بقرار صادر عن المحكمة الشرعية بضم الطفلة، فيما تهدد راوية بالانتحار في حال عودتها الى منزل والدها.. حاولنا التوسط لإقناع والدها بأن مصلحة الطفلة هي في أن تقيم في منزلي لكنه رفض".
كان لا بد من التحرك، كما تقول الأم: "راجعت دار الرعاية التي تقيم فيها ابنتي، أعلمتني الاخصائية الاجتماعية ان الحلول هي إما ان تعود راوية إلى منزل والدها أو أن تبقى في الدار، وبالتالي تفقد فرصة الالتحاق بالمدرسة العام الحالي".
وتزيد "أشعر وكأن ضغطا يمارس على ابنتي لتعود الى منزل والدها.. فالاختصاصية قالت اني لا استطيع زيارة ابنتي سوى مرة واحدة في الشهر!!!".
وتتساءل "هل يعقل ان يتم تحديد زيارتي لابنتي بمرة واحدة شهريا، فيما يحق لنزلاء السجون زيارتين أسبوعيا.. ابنتي لم تقترف أي ذنب سوى أنها لا تستطيع العيش في مكان تتعرض فيه للعنف والإساءة".
منذ وقوع الطلاق بين أبويها حين كان عمرها عدة شهور فقط، كانت الطفلة في حضانة والدتها، واستمرت كذلك حتى بلوغها 9 اعوام عندما تزوجت الأم، فانتقلت الحضانة لجدة الطفلة من أمها.
"لكن الأب تمكن من الحصول على قرار ضم للطفلة عندما بلغ عمرها 12 عاما، ورغم تقدم الجدة باستئناف للمحكمة لاستعادة حضانة الطفلة، لكنه تم رد الاستئناف"، كما تقول الأم.
وتضيفت الأم إنه وخلال اقامة الطفلة في منزل والدها "تعرضت الطفلة لسوء معاملة من زوجة أبيها، التي كانت تضربها وتعنفها باستمرار، وتجبرها على القيام بأعمال تنظيف المنزل كاملة، ما دفع الطفلة للجوء في آذار (مارس) الماضي لإدارة حماية الأسرة وتقديم شكوى حول سوء معاملتها في بيت والدها، تم على أثرها تحويل الطفلة الى إحدى دور الرعاية التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية".
بدوره، يوضح جد راوية "تقدمنا بشكوى لدائرة الاصلاح الاسري في دائرة قاضي القضاة لإيجاد حل للمشكلة، لكن الأب يتهرب من الحضور والاستجابة".
ويضيف "الطفلة ضحية لخلافات ومناكفات أسرية وتنازع على حضانة، فيما يفترض ان تلتحق العام الحالي بالصف التاسع.. أخشى ان تفقد فرصتها في الدراسة، نحاول منذ اشهر ايجاد حل للقضية لكننا ندور في دائرة مفرغة، فيما الطفلة تتنقل من دار الى أخرى".
ويزيد "خلال الاشهر الماضية كانت (راوية) تقيم في دار رعاية قريبة من منزل والدتها، قبل نحو ثلاثة اسابيع تم نقلها الى دار في محافظة اخرى، ما يجعل زيارة والدتها لها امرا اكثر صعوبة".
ويتابع "حاولنا مع مسؤولي الدار البحث عن حلول لإخراج الطفلة وإعادتها الى منزل جدها لكن رد ادارة حماية الأسرة اقتصر على أن عودة الطفلة الى بيت جدها يتطلب قرارا من المحكمة الشرعية".
ويؤكد الجد أن "إجراءات المحكمة تتطلب وقتا، خصوصا في ظل محاولات والدها المماطلة لإطالة أمد وإجراءات التقاضي".
وبحسب المادة 170 من قانون الأحوال الشخصية، فإن "الأم النسبية أحق بحضانة ولدها وتربيته وتستمر حضانة الأم وفق القانون لغاية 15 عاما"، لكن المادة 171 من القانون ذاته تسقط الحضانة عن الأم في حال زواجها وتنتقل إلى أم الأم وتستمر حتى العاشرة، تنتقل بعدها الحضانة للأب.
قضية "راوية" تعكس معاناة العديد من الأطفال الذين يدفعون ثمنا باهظا لطلاق والديهما، خصوصا عندما تتحول الحضانة إلى ساحة للنزاع والمناكفات.
المستشارة القانونية لاتحاد المرأة المحامية هالة عاهد بينت في تصريح سابق بخصوص هذه القضية، أنه في قضايا الحضانة "يجب الأخذ بالدرجة الاولى بالمصلحة الفضلى للطفل، ودراسة كل حالة بحالتها وليس الاعتماد على نصوص جامدة".
وتضيف "من حيث المبدأ لا يجوز ان تحرم الأم من الحضانة لأنها متزوجة من آخر، فإن كان وضعها الأسري مناسبا ويحقق متطلبات الطفل فلماذا تحرم من طفلها؟.. الأصل مصلحة الطفل قبل أي شيء". وبحسب دراسات المركز الوطني للطب الشرعي فإن غالبية حالات العنف الأسري الواقعة على الأطفال والتي تعاملت معها العيادات كان المعنِّف فيها زوجة الأب بالدرجة الاولى، ثم الأب، وأخيرا الأم.

نادين النمري - الغد

نيسان ـ نشر في 2016-08-22

الكلمات الأكثر بحثاً