اتصل بنا
 

(الحشوات الموقوتة)

نيسان ـ نشر في 2016-09-08 الساعة 12:25

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات... اللغة هي سلاح يتمترس في الخط الدفاعي الأول للعقل الجمعي، وهي الرد السريع الذي يؤدي إلى مسخرة الواقع المفروض، وتحويله إلى ملهاة تتجول في الأسواق وتمد لسانها عائبة إلى صور المرشحين للانتخابات وشعاراتهم، تقاوم بالحيلة تحالف الطغمة وطريقة فرضهم القوانين لتصبح أمرا واقعا، من خلال إمساكهم بزمام السلطة، واعطاء هذه القوانين صفة النافذة، بحكم وضع اليد على كل المقدرات.
تنتقم اللغة من الرطانة المملة بالمفردات الساخرة، مثل ابتداع الشارع مؤخرا لكلمة الحشوة وجمعها حشوات.
يستدعي قانون الصوت الواحد المتقمص للقائمة النسبية أن يكون هناك ملء لشواغر القائمة، التي في الواقع لا تُفوّز إلا مرشحاً واحداً، فاصطلح على تسمية المرشحين الباقين الحشوات، والأمر لا يتعلق بمقاعد الكوتات.
أتاح القانون المجال لتفسخ الكتل، فلو انسحبت كل الحشوات، يستطيع المرشح الفرد أن يبقى صامدا، وبمسمى قائمة... فيا للهول!
نحن نقف أمام هذا القانون، وكلنا فخر بما يمكن أن تتفتق عنه الذهنية الادارية المتربصة بالمعارضين، إنه فخر يصل بنا إلى حد مباهاة الأقران والأتراب بأننا نستطيع أخيرا أن نُصدّرَ شيئا، فقد أصبحنا بيت خبرة في صناعة القوانين التي تحتاجها الأنظمة المصابة بالحساسية الزائدة من تعدد الألوان في مجالسها النيابية.
في هذه الأيام، ونحن نلج مراحل العد العكسي النهائية، اقترابا من لحظة الحقيقة، سنرى الكثير من التفسخ، فالحشوة هلامية على الأغلب، ولا تتسلح بوشائج القوة، لذلك؛ سنراها تتساقط تباعا في الأيام المقبلة.
الحشوة أنواع؛ حشوة تعلم أنها حشوة، وحشوة لا تعلم أنها حشوة، وحشوة تعلم أن الآخرين يعلمون أنها تعلم بأنها حشوة، وحشوة لا تعلم بأن الآخر لا يعلم بأنها لا تعلم أنها حشوة، وهكذا دواليك، وهناك أيضاً صعاليك يقتنصون التأييد المؤقت مهما غلا الثمن ومهما رخص ماء الوجه.
وعلى سبيل الإمعان في التهكم، نقول لكم: مهلا يا سادة، فالديمقراطية عندنا غير، والديقراطية عندنا أحلى.
اللغة سلاحنا الأخير.. نحاربكم بما ننحتُ ونُرقّش به تعليقاتنا، فلم يبقَ من فرصة لوقف الهدر إلا المقاومة بالحيلة، إلى حين انفجار حشواتكم الموقوتة التي تتحزمونها وسقوط كل الصور الزائفة.
نقول في هذا المقام، بتحريف مقصود لقصيدة ناظم حكمت: لعل الانتخابات القادمة أجمل، ولعل قانون الانتخابات القادم أجمل، وكل عام وأنتم بخير.

نيسان ـ نشر في 2016-09-08 الساعة 12:25

الكلمات الأكثر بحثاً