اتصل بنا
 

بين حانا ومانا ضاعت مناهجنا التعليمية

نيسان ـ نشر في 2016-09-10 الساعة 10:17

x
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات... ليس من الصحيح أن تربى الأجيال القادمة على الاطمئنان لأيدولوجيا معينة، بل إن واجب العملية التعليمية أن تجبل هذه الأجيال على قلق البحث عن الحقيقة، فأي مجتمع توجد به انقسامات في الرؤى والمعتقدات، وحسن النيّة يفرض علينا أن نعتفد أنها جميعا عبارة عن مشروعات حلول للمشاكل والأسئلة المطروحة، والتي عموما هدفها الأخير الحفاظ على وجود الأنسان، من خلال تفسير الظواهر المحيطة به، وبالتالي السيطرة عليها.
الحفاظ على الهوية والتراث يجب أن يُنفّذ بشكل صارم في دروس الطلبة، لكن بمحتوى تقدمي لا ينزع إلى الجمود، فلا أحد اليوم في المجتمع يريد تدمير العملية التعليمية إلا أولئك الذين ينفذون أجندات معادية للأمة.
مشكلة السياسي أنه آني ويسعى لحصد النتائج بشكل متسرع، فمشروعاته مرحلية، كما ويسعى من خلال القضايا المطروحة إلى اللعب على العواطف لنيل رضا الأغلبية التي تُضفي على وجوده الشرعية، ولا يخطط استراتيجيا إلا من خلال خدمة فكرته الآنية.
المطلوب هو تسليح النَشْء الجديد بأدوات تؤهله للقدرة على اكتساب الاختيارات الصحيحة، وهذا لا يتأتى من خلال تلقينه المعلومات، لأن المعلومات متغيرة، بل بتمكينه من امتلاك المهارات التحليلة، ومنحه منهجيات حل المشاكل، أما المعلومات فستتكون لديه القدرة على جمعها تلقائيا اذا ما تبنى طرائق البحث العلمي.
تُبنى منهجيات التعليم على نظريات واجتهادات تواجه التغيير المستمر، وهذا أمر طبيعي، لأننا من جانب في عالم سريع التطور والتغيّر، ومن جانب آخر لأن قطاع التربية يتعامل مع انسان لهدف إكسابه المهارات وتعديل سلوكاته، وهذا النشاط جزء من العلوم الاجتماعية وليس من العلوم التطبيقية، فالتعامل هنا يجري مع متغيرات ومعطيات نفسية وثقافية واجتماعية كثيرة، لا يمكن قياسها وتقويمها بشكل دقيق.
لا يجوز تعديل المناهج بناء على القيم المتطرفة في المجتمع؛ سواء المزاجات المسكونة بالاسلام فوبيا أو المسكونة بهواجس الخوف من التغيير، بل على أسس علمية تهدف إلى خلق الإنسان القادر على شق الطرق الجديدة، فلم يثبت حتى هذه اللحظة أن حفظ القرآن الكريم يؤدي إلى التطرف، كما لم يثبت أن تعليم الطلاب الفلسفة والمنطق والشعر والفن والاطلاع على الأنماط المختلفة من التفكير والتحليل ستؤدي به إلى الأنحراف عن القيم الاجتماعية النبيلة.
وبالنسبة للتيار المتدين من الخير له أن يأتيه مؤمنون أقوياء بأفكارهم، وبناء على الأختيار وليس بناء على التابعية للأهل بدياناتهم، وكذلك الأمر بالنسبة للساعين إلى التغيير، بالتأكيد أنهم يطمحون لإيجاد جيل ملتزم بالقيم الوطنية والقومية وبما لا يتعارض مع قيم الانسانية، وأن يكون- هذا الجيل- متمكنا من التحدث بلغتة العربية السليمة إلى جانب تعلم اللغات الأخرى.
طبعا من المؤكد أنه يجب قطع الطريق على أولئك الساعين إلى نزع كل ما يؤكد على الحقوق الوطنية والقومية من المناهج.
كل هذا الذي نتحدث به؛ ليس من ضرب الخيال، بل إنه أمر يمكن تحقيقه من خلال إيجاد الجهة المستقلة والمتسلحة بالقدرات العلمية التي تؤهلها لصياغة مناهج عصرية تحافظ على تراث الأمة بمحتوى تقدمي، وتسعى إلى بناء الانسان الأردني بشخصيته القوية؛ المتمكن من التصدي لمهمات البناء ومواجهة كل التحديات.

نيسان ـ نشر في 2016-09-10 الساعة 10:17

الكلمات الأكثر بحثاً