اتصل بنا
 

براين إينو يسحب السلاح من يد (إسرائيل)

نيسان ـ نشر في 2016-09-10 الساعة 18:49

x
نيسان ـ

قبل أيام، أعلن المؤلف الموسيقي البريطاني براين إينو(68) عاماً، رفضه السماح لفرقة «باتشيفا». وهي واحدة من أشهر فرق الرقص الاسرائيلية في الاستمرار باستخدام إحدى مقطوعاته الموسيقية كخلفية للوحة راقصة تؤديها الفرقة وتحمل للمفارقة اسم «حُمّص». كان من المزمع تقديم اللوحة في سلسلة حفلات تقيمها الفرقة في إيطاليا ضمن مهرجان «تورينو دانزا»، لكن إينو اكتشف أن السفارة الإسرائيلية هي راعية الحدث.
وفي مقال نُشر في صحيفة «غارديان» قال إينو إنه لم يكن يعلم أن الفرقة تستخدم منذ مدة إحدى مقطوعاته الموسيقية من ألبومه (Neroli)، وفور علمه طلب من الفرقة الإسرائيلية التوقف. المعروف عن إينو أنه مشارك بارز في حملة (BDS) الداعية لمقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها ـ وقد وقّع إلى جانب 1,700 فنان آخر على ما يسمى «تعهد الفنانين من أجل فلسطين»، الذي يعبّر عن دعمهم لحق الشعب الفلسطيني في الحرية والمساواة والعدالة، معلنين رفضهم كفنانين لأي دعوة من اسرائيل أو أي مؤسسة ممولة أو ذات صلة بحكومتها إلى حين انصياعها لقوانين المجتمع الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.
في رسالة وجهها إلى الفرقة عبّر صحيفة «لا ريببلكا» الإيطالية عبّر الموسيقي عن تفهمه لموقف فناني الفرقة، لكنه أضاف بأنه من غير المقبول بالنسبة له استخدام إحدى مقطوعاته في حفلة تدعمها السفارة الإسرائيلية. يقول إينو في رسالته: «بالرغم من أنني بصورة أو أخرى أشعر بالاطراء لأنكم اخترتم استخدام أحد أعمالي إلا أن ذلك ولّد لدي صراعاً، بالنظر لأنني من أحد الداعمين لحملات مقاطعة إسرائيل». وأضاف بأنه غالباً ما يقال في حركة المقاطعة (BDS) بأن الفن لا يجب أن يُستخدم باعتباره سلاحاً سياسياً، ولكن الحكومة الإسرائيلية أوضحت بشكلٍ قاطع أنها تستخدم الفن تماماً بالصورة ذاتها للترويج لإسرائيل، وأكمل قائلاً: «لذلك أعتبر بأن قراري رفض توظيف موسيقاي ضمن الحفل المدعوم من قبل الحكومة الإسرائيلية طريقة لسحب ذلك السلاح من بين أيديهم»، مضيفاً بأنه يتفهم تعاطف بعض الفنانين الإسرائيليين من أمثال بعض أعضاء الفرقة مع قضية فلسطين، لكنه يعتبر بأن الحكومة الإسرائيلية تستخدم شغفهم بالفن كإحدى استراتيجيات البروباغندا الخاصة بها. وفي ختام رسالته قال إينو إن فرقة الرقص قد لا تستطيع فصل نفسها عن الحكومة الإسرائيلية، لكنه يستطيع ذلك. «لا أريد أن تندرج موسيقاي ضمن أية أنشطة وفعاليات تنظمها الحكومة الإسرائيلية».
صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية (8-9) رأت في موقف براين إينو الأخير انتصارًا لحملة المقاطعة التي يدعمها ويروّج لها. لكنها سارعت إلى نشر رد أوهاد نهارين مصمم الرقصات الخاص بفرقة «باتشيفا» وأهم مؤسسيها، والذي علّق بشيء من السخرية: «إن كانت مقاطعة فرقتي ستساعد الفلسطينيين، لكنت سارعت لمقاطعة عرضي الخاص»، معتبراً موقف إينو ضعيفاً وعديم الجدوى.
هل يمكن أن تكون الفرقة الإسرائيلية غير عارفة بمواقف إينو السياسية؟ أم أنها قررت أن موسيقاه هي الأنسب لعروضها في محاولةٍ لإحراج الموسيقي أو إضعاف موقفه، أو كي تظهر هي كمؤسسة ثقافية تسعى لفصل السياسة عن الفن؟ قد لا نستطيع الوقوع على إجابة حاسمة، لكن براين إينو حسم موقفه معلناً أن فصلاً كهذا بين الفن والمواقف السياسية غير ممكن بنظره، حتى وإن تصرّف بكثيرٍ من الدبلوماسية محاولاً التفريق بين رسالة الفرقة الإسرائيلية وبين حكومة الاحتلال.
يجاهر براين إينو بمواقفه السياسية، من بعض القضايا ذات الجذر الاقتصادي - الاجتماعي، مثل دعمه لحقوق للعمال والمهاجرين، أو موقفه الرافض لاستفتاء «بريكست» القاضي بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي عبر عنه قبل أشهر عدة عبر صفحته على «فايسبوك» حينما اعتذر من متابعيه لأنه «صرع رأسهم» بالقضايا السياسية. كما لو أنه كفنان ملزمٌ بالاعتذار حينما يمتلك إلى جانب موهبته مواقف وأفكاراً يرى من الواجب الدفاع عنها.
بعض من القراء والمتابعين العرب قد لا يفهم لماذا يتكبد موسيقي بريطاني هذا العناء من أجل فلسطين وقضيتها وشعبها، خصوصًا أن حملات مقاطعة اسرائيل «بطلت موضتها» بنظر الكثير من المثقفين العرب. لكن يبدو أن براين إينو وغيره من الفنانين الناشطين الذين يشاطرونه موقفه يرون أن مقاطعة اسرائيل ما تزال مجدية، ويدركون أكثر، من موقعهم البعيد، أن اسرائيل ذاتها لا تحيّد الفن أو الثقافة بل تستخدمهما كأدوات أساسية في صراعها للبقاء وفرض شرعيتها.

نيسان ـ نشر في 2016-09-10 الساعة 18:49

الكلمات الأكثر بحثاً