اتصل بنا
 

الانتخابات..(تدخّل إلهي) وأقفال بلا مفاتيح

نيسان ـ نشر في 2016-09-19 الساعة 10:11

x
نيسان ـ

كتب إبراهيم قبيلات...فيما يستعد الناس للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع "الدنيوية"؛ لاختيار ممثليهم في المجلس الثامن عشر، غداً الثلاثاء، يظهر مرشح في شريط فيديو متحدثاً عن حشود غفيرة مرسلة من السماء لمؤازرته، ونصرة قائمته في الانتخابات.
"حادثة الحشود المرسلة" لم تكن الطرفة الوحيدة في المشهد الانتخابي، فقد سبقها الكثير، منها ما أخذ الصبغة الدينية، سواء على شكل "رؤيا" رحمانية، ومنها ما ذهب بعيداً في استثارة عواطف الناس، إذ اضطر حزب سياسي الادعاء بأن الله تعالى يقف مع قوائمهم، في استغلال سافر للقيم الدينية السمحة.
في الحقيقة نحن إزاء مشاهد انتخابية تعكس استغلالية وانتهازية سياسية لدى مستخدميها، ممن فشلوا في إقناع الناخبين واستمالتهم على أسس برامجية فكرية، سياسية واقتصادية واجتماعية؛ فظهر المجتمع ممسكاً بأطره التقليدية والغرائزية؛ لفرز ممثليهم في المجلس التشريعي.
"راضي"، مرشح للانتخابات البرلمانية، اختصر "الفلم" بظهوره على وسائل الاتصال المجتمعي مطمئناً قاعدته الانتخابية بأن الله أيضاً أرسل له شخصاً يرتدي الأبيض، -ومن دون براق- ينقل له زحف الحشود المرسلة وتأييدهم قائمة الأسود في صناديق الحكومة في العشرين من الشهر الحالي.
يا ألله..هل سمعتم قولاً أفظع من هذا؟.
لا تتعجلوا، فهناك مرشح آخر يحمل درجة الدكتوراة في الفقه وأصوله، وهو مفتٍ معتمد وداعية ومفكر إسلامي "عصري"، دخل الحكومة وزيراً للشباب والرياضة، وهو حاصل على جائزة "الإبداع الفكري الأردني" إلى جانب ضلوعه في مبادرات ومشاريع تستجلب "شبهات" فساد حولها لم تثبت إلى اليوم.
الوزير الداعية قال في لقاء متلفز قبل أيام إن والده المرحوم، الذي شغل مناصب عليا في المؤسسة الدينية الرسمية، استطاع فك قفل الجامع بمجرد القراءة عليه، نعم هكذا ببساطة تعالج الأشياء من وجهة نظر الشيح الداعية والمفكر.
"القفل" الذي يفكّ من دون مفاتيح يستدعي عشرات القصص التي ظهرت في الموسم الانتخابي، وكلها تبعث على الضحك والشفقة في آن، إذ كيف يجرؤ مرشح على ممارسة هكذا دور في القرن الحادي والعشرين، لكن من يستمع لـ"السحيجية" في قواعدهم الشعبية يدرك أثر حديث المرشح الديني في مضاعفة التحشيد والمؤازرة.
صحيح أن الكرة اليوم في ملعب الناخبين، لكن إذا كان مجرد حديث ساذج سطحي من محتكري الحقيقة، يؤثر على خيارات الناس وحجم مشاركتهم في الاقتراع، فكم سنحتاج لاستبدال هشاشتنا الفكرية والوصول لمرحلة تؤهلنا لاختيار مجلس نيابي نوعي في رقابته وتشريعه؟.
الطريق طويل ومليء بالمطبات.
بالعودة إلى "رؤية راضي" و"فذلكة الوزير" في فتح القفول، فإن الحديث عن الدولة المدنية، وأسس التنوير المجتمعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية يصبح هرطقات فكرية تكبل أرواحاً تاقت للتغيير، وتعيدنا إلى عهود السحرة والعرّافين. فهل سنرى مجلس النواب ملبدة أجواءه بأدخنة المشعوذين؟ وكم من العفاريت ستتنطط تحت القبة؟.

نيسان ـ نشر في 2016-09-19 الساعة 10:11

الكلمات الأكثر بحثاً