يا شهيد (الكرك ) .. الخطايا بلغت الحناجر
محمود أبو هلال
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2016-09-19 الساعة 19:49
صحوة من الغفلة بموت سعيد وحاجة للإيقاظ من الركود والخطأ
اتعبتنا الغفلة يا سعيد؛ فلعّلَ موتكَ صحوة، وقطعنا مسافة في التيه؛ فعلنا نؤوب، وأخطأنا؛ ويكأن الخطيئة قد بلغت حناجرنا.
ناءت الهموم المتسَّاقطة بالجسد، حتى إذا استيأس وظنّت النفس بالنفس الظنون، فار دمك المهراق، وتسرب منه الضياء إلى القلب يشعله فيستنير الجسد وتحلّق الرّوح مرفرفةً...كما يؤنس البرق وحشةً في ظلمة.
اصفعنا يا سعيد فنحن نحتاج من يصفعنا من حيث ندري بموقفٍ أو حرفٍ أو صمتٍ أو موتٍ ليسترجع فينا عزيمة أفَلت، ومروءة ترجَلَت.
نحتاج من يوقظنا من غفوةٍ طالَت، ورقدةٍ أتعبت البدن وبقايا الهمة.
تصحرت صدورنا يا سعيد، فشدنا إلى ورد الروح التي أضناها العطشُ من موردِ القُربِ والشّوقِ. شدنا لنروي أرواحنا، فإنّ الرزايا والبلايا والخطوبَ الجسامِ لا يطفئُ لهيبَها ولا يُخمدُ نارَها إلَّا فيوضاتِ الرّيّ التي نهَلَتها روحك من ينابيعِ الحبّ العميقِ والقربِ الوثيقِ. شدنا لنرتوي؛ إن المنهل بين يديك.
طويلٌ هو الدرب يا سعيد وموحشة هي الطريقَ وصحارينا لاهبةٌ تحتاجُ رِيًّا من يقينٍ وثباتٍ
هو ذا الأقصى على الطرف الأيمن للقلب وذي القبة الصفراء تتلألأ مرمى العين وها أنت على العتبات.
ارقد يا ابن أمي بسلامٍ فنحن الراقدون الأحياء قد افترشنا القهر صامتين، في ما أنت افترشت العتبات بعد أن استنشقت العبق الكامن فيها.
لا عيناكَ يا سعيد تعرفني
ولا الأشواقُ تُصغي إذ أُناديها
وقد رفّتْ رفيفَ الطيرِ خافقتي
لمّا رأتكَ مُسجى في مَراميها
هي القدس كجرحٍ غائر نغلّفه بغفلة وتناسٍ وزيف، كلما انتكأ ازدادت كوّة القلب اتساعًا بحجم المدى، وثار الوجد المكور تحت الرماد إذ هببت كريح فأشعلته.
اللهم حنانيكَ، حنانيك تكرماُ وتحناناً بسعيد، وبنظرة للقلوب المبعدة غصبا.
اللهم حنانيك بقلبٍ مشوقٍ مهيضِ الجناح، حنانيك اللهم بقلب استقرَّ في سويداءِ القدس فانطلقت روحه مُسَلَّمَةً لا شِيَةَ فيها تسرُّ القابضين وتُذكر الغَافلينَ وتُنعش المُتعبين.
للقدس سلام من كركِ المجّد والتاريخ.
ومن القدسِ للكرك سَلام مفعما بالأملِ ندياً بخضاب الشهداء.
سلام عليكَ يا سعيد وسلام على الحمامِ إذ يحلق بعد أن يقبلَ العتبات والوجنات.
نيسان ـ نشر في 2016-09-19 الساعة 19:49
رأي: محمود أبو هلال كاتب أردني