اتصل بنا
 

فقراء الأحياء العمّانية متشائمون من غياب همومهم عن اهتمامات المرشحين

نيسان ـ نشر في 2016-09-20 الساعة 12:53

x
نيسان ـ

في أحد الأحياء الفقيرة في عمان، وفي منطقة صويلح تحديدا، انتشرت يافطات المرشحين في كل زاوية وكل حارة بأسماء وشعارات وعناوين مختلفة.
هذه الشعارات والعناوين بدت بالأمس "باهتة" "لا معنى لها" لأهالي هذا الحي الذي عُرف دائما بفقره، لا بل كانت بعيدة عن هموم ومشاكل سكانه.
في أحد منازل هذا الحي اجتمع عدد من النسوة "كعادتهنّ" يشربن قهوة الصباح ويتبادلن أحاديث من هنا وهناك، وانتهى بهنّ الحديث عن "الانتخابات والمرشحين" ومن سينتخبن.
أم معتز اتخذت موقفا حاسما من انتخابات اليوم فقد حلفت أغلظ الأيمان بأنها لن تنتخب، وأكدت أكثر من مرة على جملة "والله مارح أنتخب حد" "شو بدهم يعملوا النواب يعني الوضع كل ماله من سيئ الى أسوأ" وزادت" ما شفنا المجالس السابقة عملتنا اشي".
كان معظم حديث أم معتز عند سؤالها عن أسباب هذا الموقف حول الوضع الاقتصادي السيئ لعائلتها ولكل من حولها، فقد أشارت الى أنّ الأسعار مرتفعة جدا، والإيجارات أيضا، خصوصا بعد قدوم اللاجئين السوريين، ورواتب الموظفين لم تتحسّن.
الحاجة أم محمود (اسم مستعار) كان موقفها من النواب قريب من أم معتز، لكنّها أكدت أنها ستنتخب المرشح "الذي وعدها بأن يخرج ابنها من السجن"، ذلك الابن الذي انتهى به الأمر في الحبس قبل حوالي العام لأسباب اقتصادية أيضا.
فابن أم محمد كان "عاطلا عن العمل" رغم انه كان مسؤولا عن عائلة مكونة من 3 أطفال، وبحسب والدته فإنّ معارف له أغروه بمبلغ جيد في حال أن قام بعمل اكتفت بوصفه أنه "ضد القانون"، وهو الآن في السجن بينما أسرته هنا تعيش على مساعدات من الأهل.
وتقول أم محمد "شو بدها تساويلنا النواب.. احنا فقرا ورح انضل فقرا.. لا المجلس اللي راح ولا اللي جاي رح يعملوا اشي للشعب".
وانسجم تعليق أم محمّد مع حديث سابقاتها؛ حيث أكدت على أنّ "النواب همّهم أن يوصلوا للكرسي بعدين رح ينسوا شو اللي وعدوا فيه"، مضيفة "كلهم نفس الشي بيركضوا على المنصب وبعدين بينسوا الناس وحاجاتها".
أم محمد كل ما تحصل عليه 100 دينار شهريا تخصصه له ابنتها من راتبها، وقد بدى أنّ همها الوحيد هو سداد دين عليها قيمته 500 دينار، كما شكت خلال الجلسة من غلاء الخضار والفواكه، قائلة "الخضار أغلى من اللحمة.. حتى اللحمة ما منشتريها.. كل شي غالي".
وبتعليق ساخر أشارت أم محمد "يعني رح نصير أغنى مع المجلس الجديد؟؟...كله واحد يا بنتي"، لتنتهي الجلسة بضحكات ونكات حول مواقف "مضحكة" لنواب في البرلمان السابق والمشاجرات التي جرت تحت قبة البرلمان".
حديث النسوة السابق جاء منسجما مع تحليلات متخصصين اقتصاديين أجمعوا على أنّ المشكالات الاقتصادية وتحديدا الفقر والبطالة كانت بعيدة عن شعارات وإعلانات معظم المرشحين الذين لم يخوضوا في وضع حلول جذرية لهذه المشاكلات وغيرها واكتفوا بالشعارات العامة التي تمس عواطف الناخبين.
ويعاني اقتصاد المملكة اليوم من معضلات متعددة أهمها بطء النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمار والصادرات في ظل الظروف الاقليمية المحيطة، وإضافة إلى ذلك فهو يعاني من عجز كبير في الموازنة سيصل وفق التوقعات نهاية العام إلى 906 ملايين دينار بعد المنح والمساعدات، و1.7 مليار دينار دون مساعدات، كما يعاني من ارتفاع في المديونية وصلت إلى 25.5 مليار دينار وبنسبة 93.2 % من الناتج المحلي الإجمالي، كما تعاني المملكة من نسب مرتفعة من الفقر تتجاوز الـ20 % (14.4 % الاحصائيات الرسمية)، وبطالة تتجاوز 14.7 % بحسب الاحصائيات الرسمية.
وزير تطوير القطاع العام الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر المدادحة، اشار الى أنّ لافتات المرشحين التي رفعت وشعاراتهم كانت "فضفاضة" و"بلا طموح" و"غير مسؤولة".
وأكد أنّ الشعارات "افتقرت للحلول الواقعية" فيما لم يقدم معظم المرشحين والقوائم برنامجا انتخابيا يوضح آليات مقترحة لحل المشكلات الاقتصادية.
الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد البشير، أشار الى أنّ الغالبية العظمى من المرشحين طرحت شعارات عامة تدغدغ مشاعر الناخبين وركزت على الجانب الخدمي أكثر من التركيز على الجانب الاقتصادي.
وأكد البشير أنّ البعض تطرق لهذه المشكلات، لكنّ المعالجات التي تمت لم تكن بمستوى الوضع الاقتصادي الحالي الذي تعاني منه المملكة.
ولم يكن البشير متفائلا في المجلس النيابي المقبل؛ حيث قال "انه من الصعب أن يكون المجلس المقبل جيد في معالجة المشكلات الاقتصادية لأن البيئة التي أنتجت المجلس السابق هي ذاتها التي أنتجت المجلس الحالي"، مشيرا الى أنّ المجلس السابق اعتمد على "تحالفات القوى في المجتمع" و"رأس المال" و"العشائرية".
وقال إن المجالس السابقة والمقبلة لم ولن يكون أداؤها منسجما مع الدستور الذي يحدد دوره بالتشريعي والرقابي، مشيرا إلى أن المجلس السابق ناقش ووافق على مشاريع قدمت من الحكومة دون أن يقترح أي مشروع قانون.
واتفق أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك، الدكتور قاسم الحموري، مع ما سبق؛ حيث أشار إلى أنّ البيانات الانتخابية التي كانت للمرشحين لم تعالج القضايا الاقتصادية واكتفت بالعموميات دون الانتقال إلى الكيف.
وأشار إلى أنّ "الشعارات التي طرحت لم تكن كافية ولا تدل على برامج حقيقية من شأنها أن تعالج المشكلات فعلا".
وبدا الحموري متشائما عندما قال المجلس الجديد سيكون "أسوأ من سابقه"، خصوصا أنّ القوائم ستفرز المرشحين الذين يملكون المال والذين يستغلون الفقراء الذين يحتاجون الى المال، مشيرا الى أنّ "هؤلاء المرشحين الذين صرفوا الأموال ليصلوا إلى المجلس فإنّهم سيعملون على تعويض ما صرفوه فيما بعد".
وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ مجلس النواب السابق كان قد أعطى الثقة لحكومة عبدالله النسور الثانية بعد أشهر من قرار اعتبر وقتها الأكثر تأثيرا على حياة المواطنين وهو قرار تحرير أسعار المحروقات، الذي أدى الى ارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات، كما شهد المجلس السابق عدّة قرارات تضمنت رفعا لضرائب ورسوم على قطاعات وسلع مختلفة.
يأتي هذا في الوقت الذي سيواجه المجلس المقبل استحقاقات اقتصادية قاسية بموجب اتفاق الأردن مع صندوق النقد الدولي الذي أعلن مؤخرا وهو برنامج "الائتمان المدد 2016/2019 والذي تقترض الحكومة بموجبه 730 مليون دولار على 3 سنوات.
وتتضمن هذه الاستحقاقات اجراءات تخفيف الدعم عن عدد من السلع والخدمات الى جانب تبني استراتيجيات شركة الكهرباء الوطنية نبكو والتي سيتم بموجبها زادة أسعار التعرفة الكهربائية عند بلوغ سعر برميل النفط 55 دولارا، والمرجح أن تبدأ تلك الخطوات بداية العام الجديد، وإضافة الى ذلك اتخاذ اجراءات من المفترض أن تؤثر على الطبقة الوسطى، مع التزام الحكومة بالمحافظة على شبكة الامان الاجتماعي.
وكان استطلاع الرأي الذي أعلن عنه مركز الدراسات الاسترتيجية قبل أيام أشار الى أنّ 32 % من مستجيبي العينة الوطنية يرون بأنّ مشكلة البطالة تعد أهم مشكلة تواجه الأردن اليوم، تليها مشكلة الفقر بنسبة 17 %.
ويعتقد 57 % من عينة قادة الرأي أن الوضع الاقتصادي بصفة عامة، هو أهم مشكلة تواجه الأردن اليوم، وتليها مشكلة البطالة بنسبة 16 %.
وقيّم 12 % من مستجيبي العينة الوطنية الوضع الاقتصادي لأسرهم اليوم بأنه "أفضل مما كان عليه مقارنة بالاثني عشر شهراً الماضية، فيما قيمه 49 % بأنه "أسوأ"، كما رأى (39 %) أنه بقي على حاله.
وعند سؤال المستجيبين عن التوقعات للوضع الاقتصادي لأسرهم، أظهر 24 % من مستجيبي العينة الوطنية تفاؤلاً بأن وضع أسرهم الاقتصادي سيكون أفضل مما هو عليه الآن، مقابل 34 % أفادوا بأنه سيبقى كما هو، وأفاد 36 % بأنه سيكون "أسوأ مما هو عليه الآن".
وقيّم (9 %) من أفراد عينة قادة الرأي بأن الوضع الاقتصادي للأردن اليوم هو أفضل مما كان عليه مقارنة بالاثني عشر شهراً الماضية، فيما قيمّه 45 % بأنه بقي على ما هو عليه، وقيّمه 49 % بأنه أسوأ مما كان عليه.
ويتوقع 27 % من أفراد عينة قادة الرأي بأن الوضع الاقتصادي للأردن سيصبح أفضل مما هو عليه الآن، مقابل 32 % أفادوا بأنه سيبقى على ما هو عليه، وأفاد 36 % بأنه سيصبح أسوأ.
وأكد 38 % من مستجيبي العينة الوطنية أنهم سيشاركون في الانتخابات المقبلة، فيما أفاد 11 % بأنهم "على الأرجح سيشاركون"، ورجح 7 % عدم مشاركتهم، فيما أكد 39 % بأنهم لن يشاركوا.

نيسان ـ نشر في 2016-09-20 الساعة 12:53

الكلمات الأكثر بحثاً