اتصل بنا
 

هل تتحقق الولاية في حكومة الملقي الثانية؟

نيسان ـ نشر في 2016-09-23 الساعة 15:48

x
نيسان ـ


كتب محمد قبيلات... تمت الانتخابات النيابية للمجلس الثامن عشر، رغم الجدالات المستمرة حتى اللحظة وفي مختلف المحافظات، والمتعلقة ببعض التفاصيل الناتجة عن عدة عوامل، من أهمها؛ طراوة عود الديمقراطية في بلادنا، و بقايا الذهنية العرفية المتمترسة في بعض المعاقل، والتي لا تثق بالنظام الديمقراطي عموما، غير انه لا يمكننا إلا أن نُشيد بالمحاولات المبذولة من قبل الدكتور خالد الكلالدة وأعضاء الهيئة المستقلة لإنجاز هذا الاستحقاق الوطني، والحفاظ على استقلالية الانتخابات ونزاهتها.
حرّي بنا التذكير هنا؛ أن الهيئة المستقلة للانتخاب غير مسؤولة عن الممارسات الخاطئة المرئية وغير المرئية والمنفذة من قبل بعض الجهات سواء كانت شعبية أو رسمية، كما إن ليس من واجبها مكافحة سعار المال السياسي الذي كان حاضرا بقوة؛ بل هي مسؤولية الأجهزة التنفيذية والقضائية كافة في الدولة، فالهيئة لا تمتلك الامكانات التي تؤهلها مطاردة المتهمين بالتورط بهذه الممارسات في الحارات والأزقة.
منذ ليلة الاقتراع بدأت تتسرب، في دواوين عمان ومجالسها، اشاعات تشكيل أو إعادة تشكيل الحكومة، وغالبا ما يُرجّح أن يعيد الدكتور هاني الملقي تشكيل الحكومة، بغض النظر عن نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، والذي أظهر انخفاض شعبية حكومة الملقي إلى أدنى من 50% وهي نسبة لم تهبط إليها إلا حكومة د. عدنان بدران، وبالمناسبة، فبدران أيضا كان ناشطا في الجولات الميدانية، والكل يتذكر زياراته لسوق الخضار المركزي وحديثه عن أسعار "بكس" البندورة والخيار.
في الحقيقة علينا التذكير بأنه ليس من واجبات رئيس الوزراء تنفيذ جولات ميدانية تحظى بتغطيات اعلامية واسعة، لعل جلوسه في مكتبه أكثر جدوى من تلك المشاوير التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فواجب الرئيس رسم سياسات تُخرج البلد من الضائقة التي تلتف حول رقاب ابنائها.
هناك من تطوع من شارع الصحافة وقدم الأعذار نيابة عن الحكومة، وقدم حججا من قبيل أن هذه الحكومة جاءت لتشرف على الانتخابات النيابية فقط، وأنها اضطرت لتنفيذ بعض القرارات غير الشعبية، التي كانت أصلا قد أعدتها الحكومة السابقة.
المهم الآن أن يفلت الرئيس من سطوة مراكز القوى، ويتولى بنفسه تشكيل حكومته الثانية، فليس من المعقول أن تُفرض على الرئيس التشكيلة المعدة سلفا من قبل قوى ومراكز لا تزال تمسك بالقرار، كما حدث معه عندما شكل الحكومة الحالية.
لقد ذهب البعض إلى أن الملقي لم يُسمِ مِن فريقه إلا ثلاثة وزراء، ويا ليت الأمر وقف عند حد التسمية، بل أن الوزارات السيادية كانت طوال الوقت خارجة عن سيطرته.
المطلوب الآن أن يُعطى الرئيس هاني الملقي فرصته في التشكيل والأشراف على حكومته القادمة، بحيث تنصاع الوزارات جميعها لتنفيذ برنامجه، لأننا في الحقيقة، لمسنا خلال الأشهر القليلة الماضية أن لديه من القدرات، في حال تيسر له الفريق المناسب، ما تبشر بأن حكومته ستكون من الحكومات المميزة في تاريخ الدولة الأردنية، صحيح أنها فترة قصيرة وانتقالية لا تكفي للحكم على أدائه، لكن الرجل أظهر امتلاكه منهجية جادة وعملية ودقيقة في ادارة الملفات التي واجهته في الفترة السابقة؛ ما يعني القدرة على ادارة الفريق الوزاري بكفاية واقتدار.
هناك من يأخذ على الملقي مواصلته سياسات رفع الأسعار والرسوم التي أثقلت كاهل ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وربما هم محقون فيما ذهبوا إليه، فمع إقررانا بضرورة أن تحل الحكومة مشكلات البلد المالية العامة، لكن الرسمي مطالب بحلول بديلة عن جيوب الفقراء، وعليه ضبط نفقات الحكومة بما لايمس الدخول المتدنية، وخلق مجالات أعمال انتاجية تستفيد منها المناطق التي لم تشملها التنمية بنفس مستوى المدن الرئيسية.
لقد بدأت الحكومة، برغم قصر فترة عملها، دراسة وتنفيذ بعض المشروعات الحيوية، في محافظة مادبا ولواء ذيبان، على سبيل المثال، هي مشروعات تخلق الكثير من فرص العمل خارج القطاع العام، فسمعنا عن البدء بزيادة كفاية السدود، واستغلال المياه الناتجة عن محطات التكرير في زراعة الأعلاف وتربية الثروة الحيوانية، ما يفتح المجال واسعا لدخول الكثير من المتعطلين عن العمل في مشروعات منتجة، والخروج من دائرة السعي للحصول على وظيفة في القطاع العام.
إن الفريق الليبرالي، المتمركز في عصب ادارة الدولة، لا يقدم أية حلول فعالة، بل إن برامجه كافة تفتقر للرؤية الوطنية التي تهدف إلى رفع كفاية أجهزة الادارة، وتندرج خطط هذا التيار ضمن مسارات تأهيل الدولة لاحتواء اللاجئين، والانسياق مع البرامج النقدية والسياسية الدولية، وبما يرسخ الدور الوظيفي للدولة الأردنية، غير مهتمين بما يمكن أن يعود بالفائدة على القاعدة العريضة من السكان.
يا سادة، يا من تختبئون في جحور مراكز القوى! أفسحوا المجال للرجل من أجل أن يكوّن حكومة تمتلك الولاية والتوافق مع مجلس النواب الجديد، لتكون حكومة منتجة.

نيسان ـ نشر في 2016-09-23 الساعة 15:48

الكلمات الأكثر بحثاً