اتصل بنا
 

قصة كنيسة أدر.. قرويون يتبادلونَ المآثر

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2016-09-25

التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في قصة كنيسة أدر الكركيّة، حيث تكاتف الأهالي لإطفاء الحريق وجمع التبرعات لإصلاح الأضرار، وتبرع رجال الدين المسيحي لبناء المسجد الكبير في البلدة. ويؤكد المقال على أن التصفية الحسابية الانتخابية فشلت في دق إزميل طائفي، وأن الناس في الأردن يحرصون على الدم والجيرة والتراب، ويعرفون أن كنائسهم ومساجدهم مثلما هي للجميع.
نيسان ـ

قصة كنيسة "أدر" الكركيّة مرّت في ضجيج الانتخابات والمناهج، ولم تحظَ بتوثيق لائقٍ بأبطالها، وناسها.
بعدَ ظهور نتائج الانتخابات، وعلى خلفيّة خلاف عشائري في الاستقطاب والتصويت، أحرق مجهولون قاعةً مجاورةً للكنيسة، وثمة من هدّدَ بطرد المسيحيين من بلدة "أدر" التي يعيشُ فيها أكثر من ثمانية آلاف نسمة، غالبيتهم من عشيرة المعايطة المسلمة، والعشائر المسيحية: المدانات، والحجازين، والبقاعين، والكواليت، والحوارنة.
الشرطة ألقت القبض على متهمين، وتتولى محاصرةَ الأمر في بعده الأمني. أما البعد الاجتماعي فتولاه سكانُ البلدة فوراً. شبابُ المعايطة سارعوا الى إطفاء الحريق، وكان في مقدمتهم إمام المسجد الشيخ سطام المعايطة، أما رئيس البلدية فتعهد بإصلاح الأضرار كاملة، وجمع الناسُ التبرعات فوراً.
قرويون يتبادلونَ المآثر، ولا غرابة أن رجال الدين المسيحي تبرعوا لبناء المسجد الكبير في "أدر". وكعادة الأردنيين أولمَ الشيخ متري الكواليت، لعزاء رجل توفي من المعايطة، في بيته قربَ مقبرة البلدة.
ثمة من حاول العبث، ربما لدوافع طائفية أو قبلية، وهناك قلة قليلة تربت على خطاب الكراهية وتشوهات المناهج سعت الى إشعال حريق ليس في قاعة كنيسة فقط، بل في بنية اجتماعية، تنافست تاريخياً على غداء "الصبّة" عندما تُبنى الكنائس في بلادنا.
ما تفشل فيه المناهج ودعاة البغضاء، ينجح فيه نقاء سريرة الناس، وحرصهم على الدم والجيرة والتراب، ينجحُ فيه الذين يعرفون أن كنيسة "أدر" للمعايطة، مثلما مسجدها للبقاعين. فلا حاجة للتذكير بأجراس كنائسنا حين قرعت حزناً على معاذ الكساسبة، ومن نافل القول ان عشيرة الحدادين الأردنية المسيحية قدَّمت شهداءَ دفاعاً عن الأردن أكثر من جماعة إسلامية تقبل ضمناً بولاية اليونان على كنائس فلسطين.
تصفية حسابات انتخابية أخفقت في دقّ إزميل طائفي، وتكاتفت حجارة البيوت على عمدانها. ألم يكتب ذلك الفتى من عشيرة المجالي بأن "الصليب كركيّ"، فردّ عليه شاب من الفريحات في عجلون بأن الصليب يرتفع حيث مرت أم الغيث وأم النور مريم العذراء والمسيح في كهوف عنجرة.
يقول الصديق خازر الكواليت " قصة خوري المعايطة لن يفسدها موتورون، بل سنحولها الى رواية، ونطالبُ بتحويل خوري المعايطة الى مطران".
وأقول إن هذه البلاد عميقةٌ في أصلها المسيحي، وأكرّرُ أنّ ذلك "يُشبهُ مناولةَ خبز، هو كفافُ الورد في المزهريات، وكفافُ الطفل في القماط، وكفافُ الدوالي من دمعة النبيذ"..

نيسان ـ نشر في 2016-09-25


رأي: باسل الرفايعة كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً