اتصل بنا
 

الأغبياء والأدعياء

كاتب وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2016-09-29 الساعة 10:23

تطوير المناهج التعليمية في العالم العربي: مؤشرات الأزمة والحاجة لتغيير جذري
نيسان ـ

يعتقد البعض أن احتجاجنا فقط يقتصر على حذف آية هنا أو حديث هناك أو تغيير اسم فاطمة أو استبدال نص عن السياحة بسورة من القرآن الكريم .
الواقع أن هذه الأفعال هي مؤشرات وليست غايات ، ونحن لانخشى على القرآن ليحفظه كتاب المطالعة ، لكن المشكلة هي في التطوير نفسه إذ إن حذف ماحٌذف هو "بالون اختبار" لما بعده وهو الأخطر الذي نتوقعه .
(كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فالعلمانيون يعتقدون أنهم قد استطاعوا تخليص المناهج من الدين (وليس الدعوشة) لأن ادعاء الدعوشة مردود فمناهجنا لاتغذي التطرف أصلا ، ولكن تهمة الارهاب أسهل التهم وأكثرها رواجا ، ودليلنا على ذلك أن الآيات التي حذفت هي آيات التعددية والتسامح والوسطية من مثل قوله تعالى ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ)
وليس صحيحا أننا بحذفنا نجفف منابع التطرف ، إذ إن الوزارة ومطوري المناهج بتصرفهم غير المسؤول يفتحون الباب على مصراعيه للتعليم الموازي غير المنضبط وهو أخطر أنواع التعليم لأنه لايخضع لرقابة الوزارة ولا للمجتمع ، إذا قرر الناس أن يتعلموا الدين على طريقتهم الخاصة فعلينا أن نتوقع ارتفاع وتيرة التطرف والفهم القاصر للدين وغياب دور العلماء الحقيقيين ليحل محلهم من يفسرون القرآن بالهوى ويستنبطون الأحكام وفق توجهاتهم الفكرية الراديكالية .
هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن التطوير لم يمس جوهر العملية التعليمية بل كان تطويرا في القشور دون اللباب ،وانصبّ جهد المطورين على المضامين ولم يغيروا بالاساليب ، فغاب عن الكتب المدرسية تعليم التفكير الناقد وفرغت النصوص من المعارف الحقيقية ، وغاب تعليم مفاهيم التنوع والتعددية والحريات وحقوق الانسان ،وتفردت وجهة النظر الواحدة في كثير من النصوص .
ماتزال الكتب المدرسية قاصرة عن تعليم التفكير .
ومازال التلقين غير المنتج هو جوهر هذه الكتب .
وماتزال كتبنا بعيدة كل البعد عن المعايير العالمية للكتاب المدرسي الذي يشكل فيه دور الطالب الجزء الأهم والأبرز.
وإذا علمنا أن تدريب المعلمين تدريب قاصر لايلتزم المعلمون بالجزء الأكبر منه وإذا طبق لغايات محدودة أو صور لغايات استعراض تلفزيوني أو لإرضاء مسؤول أو مشرف فسرعان مايعود المعلمون إلى ما نشأوا عليه من طرائق التلقين وحذف مايشاؤون من المنهاج ، ومن السهل على المعلم أن يقول لطلبته (هذا لايدخل في الامتحان) ليتجاوز الطلبة عن الدرس وكل مافيه من مفاهيم وقيم .
المشكلة أن وزارة التربية تصفعنا بمصطلحات كبيرة كالتكامل الأفقي والعمودي ،ومصفوفة المدى والتتابع وتعد كتبا يرضى عنها المسؤول ولايهم فيها رأي الطالب أو ولي الأمر .
- من أعطى المؤلف حق أن يقرر أي النصوص يدرس الطالب ؟
- من أعطى لجان الإشراف حق إجازة الكتاب واعتباره الأنسب لطلبتنا ؟
- من أعطى الحق لابن السبعين أن يقرر مالذي يلزم ابن السابعة ؟
- من أعطى الحق لخريج الاقتصاد أن يتحكم بما يدرس في اللغة العربية ؟
- من أعطى المسلم الحق في اختيار مايتعلمه المسيحي ؟
- من أعطى المسيحي الحق في أن يتدخل في ما يتعلمه المسلم ؟
- من أعطى استاذ الاعلام حق الوصاية التربوية على الأجيال ؟
- من أعطى الوزارة الحق في أن تميل وفق أهواء المانحين فتنفذ مشاريع وهمية تنتهي بانتهاء المنحة أو القرض الذي سيضاف لمديونيتنا وتتحمله الأجيال التي نتلاعب بمصيرها ونقرر بالنيابة عنها ماذا يجب أن تتعلم ؟.

نيسان ـ نشر في 2016-09-29 الساعة 10:23


رأي: د. عطا الله الحجايا كاتب وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً