اتصل بنا
 

الصحفيون حينما يفقدون البوصلة

كاتب وأكاديمي أردني

نيسان ـ نشر في 2016-10-10 الساعة 20:29

الصحافة في الدول الديموقراطية والمتخلفة: الصحفيون كسلطة حقيقية في الأولى وجزء من السلطة التنفيذية في الثانية.
نيسان ـ

في الدولة الديموقراطية التي تمثل فيها الصحافة سلطة حقيقية يكون الصحفي هو الذي يوجه الرأي العام ويضبط إيقاعه، ويأخذه للدفاع عن قضاياه وفق رؤى منضبطة، تحفظ له حقّه، وتحصّنه من سموم البحث عن الشعبوية التي يمارسها الهواة .
لايحتاج الصحفي في هذه الدول إلى التمترس خلف الرأي العام لأنه لايواجه تحدّي إنكار الحقائق أو إخفائها، ولايستطيع مسؤول أن يخفي المعلومة الدقيقة التي هي حقّ للناس، لأنه يدرك أن للإعلام سلطة الرقابة على عمله بما لايتعارض مع مقتضيات الحقيقة والمصالح العليا للدولة.
وفي الدول المتخلّفة، يصبح الصحفي جزءا من السلطة التنفيذية، يزين أعمالها، ويدافع عن وجهة نظرها، ويصبح الصحفيون فيلقا من الكتبة وحملة المباخر للمسؤول، يضللون الرأي العام، ويحسّنون أفعال السلطة التنفيذية في حركة تمرّد هائلة على ضوابط المهنية، والحياد.
يصبح الصحفيون أعداء للرأي العام، وخصوما غير نزيهين لمن يخالف الحكومات، أو يخرج عن خطّها، وللديكتاتوريات في هذه الحالة جيش من الكتبة الذين يطلق عليهم الان "كتاب التدخل السريع " ينبرون للدفاع عن الحكومات، تحت عناوين كبيرة من الحرص على المصلحة العامة، والدفاع عن الموضوعية، والاشفاق على السلم المجتمعي، فتجد طبيبا يكتب عن الزراعة ، وسياسيا يكتب عن تنظيم الحمل، وإعلاميا يدعو إلى إغلاق الصحف، وتكميم الأفواه، ومؤمنا يدافع عن الالحاد ، وملحدا يتحدث عن فضائل قيام الليل.
في الدول المتخلّفة يصبح التعبير عن الرأي ممنوعا على الناس وتنفرد الحكومات بعرض وجهات نظرها وتغيّب تماما وجهات النظر التي تخالفها، تحتل الفضاء الإعلامي، وتحجب الضوء عن المعارضين.
في الدول المتخلّفة، يتلقى صحفيون مقالاتهم مكتوبة، ويؤجرون أسماءهم، لمستخدمين غامضين، يشبهون "الرجل الوطواط" الذي يأتي لانقاذ الحبيبة من الأشرار الذين هم هنا كل من لايسبح بحمد الحكومات.

نيسان ـ نشر في 2016-10-10 الساعة 20:29


رأي: د. عطا الله الحجايا كاتب وأكاديمي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً