اتصل بنا
 

ذاتَ خصام

نيسان ـ نشر في 2016-10-12 الساعة 14:45

يتحدث فيه عن حبه واهتمامه، وهل الصدق هو المشكلة الحقيقية في العلاقات الزوجية؟
نيسان ـ

لم يكنْ الأوان قد آن بعد لارتباط يجمعهما تحت سقف واحد.. ولم تكن قد جمعت بين اسميهما ورقة ثتبت للمجتمع والناس رباطهما الأبدي.. بيد أن كلماته كانت عهدا أمام الله يكفي ليقول ما تعجز عنه الأوراق الرسمية ومراسيم الإشهار.. وهل ثمة رباط على الأرض أقوى من رباط الحب؟.. ولكن الحب لم يكن يوما ولن يكون هو المشكلة.. المشكلة الحقيقية هي في الصدق.. وهو ما يفوتنا دائما نحن النساء.. وفي التصديق وهو ما نقع في فخه دائما..!

“أنت حبيبتي وزوجة روحي.. وأنا لك الحبيب والزوج والرفيق والصديق والأب والأخ والابن.. أنا كل الرجال في حياتك”.. ومثل كل النساء صدّقـَتْ ما لم يتردد في قوله وإعادته على مسامعها كل يوم.

وبعد خصامهما الأخير راحت تستعيد حواراتهما اليومية المعتادة “افهميني.. أنا لا أستطيع الحياة دونكِ.. أنا أخاف عليكِ.. أحيانا أكاد أن أموت قلقا حين تغادرين البيت وتقودين السيارة بمفردك.. تخطر ببالي كل الأهوال: مضايقة.. مشكلة على الطريق.. مأزق.. انفجار لا سامح الله.. فأرجوك أن تطمئنيني ما أن تصلي.. وإذا حصل أي شيء أرجوك أن تكلميني”.. وتتذكر الرسائل القصيرة اليومية التي تكاد أن تتطابق حرفيا بتكرارها “وصلتُ حبيبي..”.. “ألف سلامة حبيبتي”.. “سآخذ قيلولة وأكلمكَ ما أن أفيق”.. “احلمي بي”.. “أكيد”..

وتفكر: ها نحن متخاصمان منذ أيام.. فهل حين يخاصمني لا يعود يخاف عليّ ولا يعود مسؤولا عني؟.. هل يكف أن يكون زوجي وحبيبي وأبي وابني وكل الرجال في حياتي؟.. ها أنني أقود سيارتي بمفردي منذ أيام دون أن ينتابه أي قلق!.. وأعود من عملي دون أن أرسل له رسالة تطمئنه خشية أن يموت قلقا.. ويمر اليوم دون أن أستلم منه “صباحك حب وعافية وفرح”.. ويمر المساء دون “تصبحين بحضني وروحي أبدا”.. ربما لم يتغير في حياتي شيء سوى افتقادي للمسة الحنان المعتادة المكررة تلك!.. فإن كان الغضب وحده كفيلا بإلغائي من حياته فهل هذا يعني أنه يستطيع أن يعيش دوني؟.. وماذا عني أنا؟ ماذا عن حبي له وخوفي عليه؟.. هل كان عليّ ألا اُصدقه في الوقت الذي صدّق هو وآمن أنني لن أقوى على العيش دونه؟.. وأنه فعلا إذا غاب عني غاب معه الأب والأخ والابن والصديق.. ناهيك عن مكانة الحبيب في قلبي؟

يا إلهي كيف يفكر الرجال؟.. لم يكن خصامنا الأخير سوى لأمر تافه لا يستحق كل هذه القطيعة.. فهل فاته أنني إذا عدت إليه هذه المرة سأكون قد حفظت درسي بعد أن جعلني أفقد معه الإحساس بالأمان؟.. ألا يخاف أنه إذا ما تمادى بالقطيعة أكثر أن يفقدني إلى الأبد؟

أريد رجلا يحبني فعلا وليس رجلا يلعب معي لعبة الحب.. هكذا أنظر إلى الأشياء وأحلامي في الحب صغيرة ولا تتطلب منه الكثير.. أريد رجلا يخاف علي لأنه يحبني لا لأنه زوجي أمام الناس أو لأنه مجبر أن يكون مسؤولا عني.. أو أن ما يُلزمه بي هو ورقة!

كانت قد عادت للتو من عملها.. نظرت إلى شاشة الموبايل وافترضت في نفسها الحوار التالي “وصلتُ حبيبي”.. “ألف سلامة حبيبتي”.. “سآخذ قيلولة وأكلمكَ ما أن أفيق”.. “احلمي بي”.. “أكيد”..

ونامت وهي تنوي ألا تحلم به بعد اليوم.

نيسان ـ نشر في 2016-10-12 الساعة 14:45


رأي: ريم قيس كبّة

الكلمات الأكثر بحثاً