اتصل بنا
 

رسالة تحت الماء

نيسان ـ نشر في 2016-10-12 الساعة 14:48

الأدباء والفنانون والنقاد والأكاديميون المغاربة يدعمون اليسار الديمقراطي في الانتخابات التشريعية المغربية الأخيرة، ويثير السؤال عما إذا كانوا مخطئين في اختيارهم وقرارهم، وإذا كان إعلان بعضهم عدم توقع الفوز يهدف إلى بث الأمل في نفوس المواطنين. المقال يدعو إلى عدم الصمت والانعزال والانشغال بذواتهم، ويؤكد على أهمية العمل من أجل خط سياسي نبيل واحترام جدية التعاقد والديمقراطية.
نيسان ـ

هل الأدباء والفنانون والنقاد والأكاديميون المغاربة الذين اختاروا، عن طواعية، ودونما انتماء حزبي، مناصرة صف اليسار الديمقراطي، في الانتخابات التشريعية المغربية الأخيرة، بوضوح ونزاهة ظاهرين، وخاض بعضهم حملات انتخابية صادقة ونظيفة، صادقة مع أنفسهم أولا، ثم مع محيطهم كانوا مخطئين في اختيارهم وقرارهم؟ وهل إعلان عدد منهم أن النتيجة المرتقبة قد لا تكون في صالحهم، وليست ذات قيمة في الأمد المنظور، بقدر ما يهم بعث الأمل في نفوس المواطنين ممن يقرؤون لهم ويتابعون أعمالهم، ويثقون في بعض ما يبدعون؟ هل زاغوا عن الصواب، بخطوتهم غير المحسوبة بميزان الربح والخسارة، وفقدوا صوابهم بالانتماء إلى حقيقتهم وحقيقتهم فقط دون خداع ولا انتظار لقطوف دانية؟

أعتقد أن المآخذ الكبيرة التي كانت تلام عليها فئة عريضة من المنتسبين للمشهد الثقافي هي الصمت والانعزال والانشغال بذواتهم وهواجسهم الذهنية والوجدانية دونما سعي للخروج إلى الحياة والاصطلاء بلهيب المجتمع، وهو اتهام قاس وظالم وباطل في مجمله، على مر الممارسة السياسية الحديثة والمعاصرة بالمغرب والوطن العربي، فلم تكتو شريحة بنار النضال مثلما اكتوى الكتاب والفنانون، لن أدل القارئ على محن وأسماء وتجارب معتقالات ومناف خلدتها قصائد وروايات ومسرحيات وأفلام ولوحات… فهي أقرب إليه من حبل الوريد. ولا يعنيني كثيرا الآن الدفاع عن المسار، فالجدير بالانتباه أكثر هو النظر في صلب المفارقة التي تجعل مجرد الانتصار لقناعة والعمل من أجل خط سياسي نبيل، خيانة لمبدأ الصمت والتيه والإقرار باللا جدوى، وانتظار تدخل القدر؟ كم هو مقدس هذا الصمت ومبجل ووقور؟

لا يمكن أن يتحول الكاتب إلى شاهد زور أخرس ينطق فقط ليرضي طائفته المريضة بقلتها، لا يمكن اتهام اللون الأبيض بأنه أسود فقط لأن البياض يبهر أبصارنا، الإقرار بانتصار الخصوم في السياسة احترام لجدية التعاقد ولجدوى الديمقراطية، ولحرمة المؤسسات الصادرة عن اختيارات المواطنين وتفويضهم لمن يسير شؤون بلدهم، أما ما دون ذلك من تشكيك في جدوى الديمقراطية في مجتمع جاهل، فلن يصب إلا في مصلحة حراس الاستبداد، وما أخزى أن يحول الكاتب إلى ملمع لحذاء الدكتاتورية.

اختار اليسار الديمقراطي في انتخابات المغرب رمز “الرسالة”، الذي يتماهى مع معجم الأدباء والفنانين الذين من المفترض أنهم لا يبدعون أعمالا من دون هدف ولا أفق ولا رسالة، صحيح أنها رسالة صعبة وتحتاج إلى مجهود لفهمها، بيد أن قدر كل الرسائل في الكون، حتى رسائل الأنبياء، أن يطمسها الخصوم، وأن يغرقوها في الفطرة والخصاصة وقلة ذات اليد.

نيسان ـ نشر في 2016-10-12 الساعة 14:48


رأي: شرف الدين ماجدولين

الكلمات الأكثر بحثاً