اتصل بنا
 

تقهقر(سعودي أوجيه) وخروج آمن للبنك العربي والضمان الاجتماعي

نيسان ـ نشر في 2016-10-20 الساعة 09:40

x
نيسان ـ


كتب محمد قبيلات..هل يصنع المال السياسة أم أن السياسة هي التي تصنعه؟ يمكن لهذا السؤال الجدلي أن يحقق إجابتين متناقضتين، بعد ان يطرح في سياق الحديث عن شركة سعودي أوجيه المحدودة، والمملوكة لعائلة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، والتي تم تأسيسها عام 1978 من قبل الحريري الأب، ومجال عملها الرئيسي في المملكة العربية السعودية.
طبعا، من المؤكد، أنه لا يمكن تجاهل ضغوط هبوط أسعار النفط، وما نجم عنه من خفض الإنفاق الحكومي بشدة على قطاع الإنشاءات في المملكة العربية السعودية، وهو الذي دفع "سعودي أوجيه" إلى إعادة هيكلة ديونها المقدرة بمليارات الدولارات لغرض تفادي الانهيار.
أدّت هذة الأزمة المالية إلى تراكم العديد من المستحقات المالية على الشركة؛ منها أقساط الديون للبنوك والبالغة نحو 4 مليار دولار امريكي، ورواتب ومستحقات العمال والموظفين التي لم تدفع منذ سنوات وبلغت نحو 666 مليون دولار امريكي.
فيما يخص المستحقات والحقوق المالية للعاملين، أشارت بعض التقارير الصحفية إلى أن موظفين وعمالاً في الشركة قاموا بتسجيل شكاوى (عددهم زاد عن 30 الفا) لدى مكتب العمل في المملكة العربية السعودية، بسبب التأخير في دفع رواتبهم ومستحقاتهم.
ما الحل؟ حسب تقرير لوكالة رويترز، نشر قبل أيام، فإن آخر الحلول المقترحة للخروج من الأزمة تتمثل في حلين؛ الأول: أن تقوم شركة سعودي أوجيه ببيع حصتها في شركة أوجيه للاتصالات التابعة لها، وهي شركة اتصالات سلكية ولاسلكية، ومقرها في دبي، ولها عمليات تشغيلية في كل من تركيا وجنوب افريقيا، حيث تمتلك الشركة 55 في المئة من شركة تورك تيليكوم « Turk Telecom» في تركيا و 75 في المئة من شركة سيل س «Cell C» في جنوب افريقيا، بينما تتمثل عملياتها التشغيلية في كل من الأردن والسعودية ولبنان من خلال شركة «سيبيريا» لخدمات الإنترنت.
أما الحل الثاني، فهو أن تبيع الشركة حصتها البالغة 20 في المئة من البنك العربي، حيث تقدر هذة الحصة بأنها تزيد عن مليار دولار امريكي، ترتفع وتنخفض حسب القيمة السوقية للسهم في السوق المالي.
من المعروف أن هذه الحصة مرهونة بالكامل منذ ثلاثة أعوام لتجمع بنكي عالمي، "يديره دوتشي بانك" مقابل قرض حصلت عليه سعودي أوجيه تزيد قيمته عن المليار دولار، وموعد تسديده يستحق في الربع الأول من العام القادم.
من جانب آخر، لا يتوقع أن تكون هناك أية تداعيات سلبية على البنك العربي، وبالتالي، حصص الضمان الاجتماعي في البنك آمنة، شريطة أن لا تقوم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي الأردني بشراء هذه الأسهم، وتكتفي بحصتها( 16%) بحيث لا تكون هناك زيادة في المخاطرة.
أما من ناحية الجهة المشترية؛ فإما أن تكون جهة مقتدرة أو يتم الحجز على الحصص من قبل التحالف البنكي المرهونة له حصص سعودي أوجيه؛ وفي الحالتين فإن الكفاية المالية والمعرفية للمالك الجديد ستكون أفضل بكثير مما تمتلكه عائلة الحريري.
هذا بالاضافة إلى أن القوانين الأردنية هي التي تضبط عملية انتقال ملكية الاسهم في الشركات المساهمة، فحسب المادة 34 من قانون البنوك، لا يتم انتقال أكثر من 5% من ملكية أسهم في شركة مساهمة عامة إلا بموافقة من البنك المركزي الأردني.
وبحسب تقرير الهيئة العامة للبنك العربي، فإن الأسهم التي تملكها شركات الحريري تتوزع على ثلاث شركات هي؛ شركة "سعودي أوجيه المحدودة" بنسبة 9.679%، وشركة "أوجيه ميدل ايست هولدنغ" بنسبة 7.113%، وبنك البحر المتوسط اللبناني بنسبة 3.928%، وقد تم شراء هذه الحصص على مراحل.
وتملك وزارة المال السعودية ما يقارب 5% من أسهم البنك، كما أن البنك العربي يملك 40% من البنك العربي الوطني السعودي فيما يمتلك صندوق الضمان الحكومي الأردني 16% من أسهم البنك العربي.
وكل هذه المعطيات تدلل على قوة الموقف المالي للبنك العربي والجهات الحاملة لأسهمه.
نشأت شركة سعودي أوجيه المحدودة في السعودية ولبنان وامتدت نشاطاتها في أكثر من اتجاه، لكن الحجم الأكبر من هذه النشاطات كان في المملكة العربية السعودية في العهود السابقة، حيث كانت تأتي في المرتبة الثانية بعد شركة بن لادن، من حيث تنفيذ مشاريع البنية التحتية في السعودية.
أما اليوم، وفي ظل العهد السعودي الجديد، وما تمر به المنطقة من ظروف اقتصادية وسياسية، فإن الشركة تقهقرت، بل أصبحت في حكم المتعثرة، والدلالات واضحة من ذلك، فهي تؤشر إلى العلاقة الجدلية بين التجارة والامارة.
تظهر تقارير متطابقة، أن الحكومة السعودية تدين بنحو 8 مليارات دولار لسعودي أوجيه عن الأعمال التي نفذتها الشركة في المملكة، وهذا ما وضع الشركة في أزمة مالية كبيرة منعها من تسديد التزاماتها التي تشمل 3.2 مليارات دولار من القروض ومليارات أخرى تدين بها لمقاولين وموردين ورواتب متأخرة ومكافآت نهاية الخدمة للعمال.
منذ تأسيس أوجيه عام 1978 على يد رفيق الحريري، وهي تحظى بعلاقة وثيقة مع السلطات السعودية، فقد ساعدت هذه العلاقاة القوية بالأسرة الحاكمة في المملكة الشركة في أن تصبح المنفذ للمشروعات إلى جانب "مجموعة بن لادن" السعودية.
لكن هبوط أسعار النفط بدّل هذا الترتيب، خصوصا مع تأجيل المملكة لمشاريع البنية التحتية وتأخر تسديد مستحقات المقاولين، وهو ما سبّب مشكلات مالية كبيرة لـ "مجموعة بن لادن" السعودية أيضاً.
وتقول الأخبار أن الحكومة السعودية مدينة لأوجيه بـ 2.66 ملياري دولار، وافقت الحكومة على صرفها بالفعل، لكن الأموال لم تحوّل بعد، علاوة على 5.33 مليارات دولار عن الأعمال التي تم تنفيذها وقدمت مطالباتها للدولة.
جرت المفاوضات بين الشركة والسلطات السعودية للتوصل الى حل لمشكلات الشركة المالية هذه السنة. وبحسب المعلومات المسربة، فقد جرى خلال المباحثات طرح بعض الخيارات ثم تم طيها، مثل شراء الحكومة حصة في الشركة وبيع الأصول العقارية أو حصة في أوجيه إلى "شركة نسما"، وهي شركة مقاولات سعودية أخرى.
لكن، لم يتضح السبب الكامن وراء عدم تنفيذ أي من هذه الخيارات المطروحة، وما إن كان ذلك يرجع لأسباب مالية وتجارية أم لأسباب سياسية.
هنا نتذكر المثل الذي يقول: ما يأتي سريعا يذهب سريعا، وعليه نستطيع أن نقول :أن المال الذي تأتي به السياسة ربما تُضيعه السياسة أيضا.

نيسان ـ نشر في 2016-10-20 الساعة 09:40

الكلمات الأكثر بحثاً