حمى الله لبنان
ميشيل كيلو
مفكر عربي
نيسان ـ نشر في 2016-10-30 الساعة 11:33
لبنان إلى معركة كبرى في المنطقة، والجنرال ميشيل عون ليس الحل الأمثل لمواجهة هذه التحديات.
ليس شخص الجنرال ميشيل عون أهم ما في المسألة اللبنانية، فالجنرال ليس ذلك العسكري المحنك أو السياسي البارع، بل هو قامة عادية من قامات عسكر الهزائم الذي أنتجته هزيمة العرب في فلسطين، المعروف بولهه بالسلطة وتفرّغه للصراع عليها، ولا برنامج له غير السعي إليها، وإقصاء غيره عنها بجميع الوسائل، مهما كانت مخالفةً للقوانين والأخلاق، وعنيفة.
وليس شخص الجنرال ما يدّعيه أنصاره: مساوياً للمسألة اللبنانية، وما يكتنفها من تحدياتٍ داخليةٍ وخارجية، كما أنه ليس الرجل القادر على التصدي لما يحيق بها من مخاطر محلية وعربية وإقليمية، بل هو اليوم تفصيلٌ صغيرٌ من تفاصيل معركةٍ كبرى، تدور في كل مكان من المنطقة، لم تبلغ بعد ذروتها، لكنه تفصيل مهم، ولكن ليس بالمعنى الايجابي للكلمة، بل بمعناها السلبي الذي يترتب على انحناء سعد الحريري أمام حزب الله، بما فيه من دلالاتٍ من الصعب القول إنها حمّالة تهدئةٍ وتطبيع لعلاقات القوى السياسية اللبنانية، وضامنة لمصالح لبنان العليا التي صارت، بقرار الشيخ سعد، مصالح تتجه نحو التطابق مع خيارات (وارتباطات) حزب الاحتلال الإيراني الذي يكتم أنفاس لبنان بالسلاح، ويثبت اليوم أن إيصال عون إلى سدة الرئاسة يعني أنه بدأ يحتل إرادة زعمائه الذين يستسلمون له، وأنه سيستطيع، من الآن فصاعداً، تحديد خياراتهم، وتقليص قدرتهم على مقاومته، والإفلات من بنية أقامها، ما يسعون للخروج منها، خشية ما يرتبه سعيهم عليهم من عقابيل وخيمة، ينتجها ارتطامهم بسلاح الحزب، ويعتقدون أن في وسعهم تفاديها.
ولجنوحهم إلى مواقف سياسية النتائج نفسها التي ينتجها السلاح، وعبر عنها قبول رئاسة الجنرال عون، بعد "صمود" دام عامين ونصف العام قبل أن ينهار، تردّى وضع لبنان السياسي خلالها، وتراجعت قدرات تيار "14 آذار" بدل أن تتحسن. لذلك، من الصعب اعتبار الرضوخ لإرادة السلاح وخياراته التي ليست لبنانية الأولويات، محاولة تريد استباق عاصفة قادمة على بلاده، ويحتم الوضعان الإقليمي والدولي أن نرى فيها العكس: وضع لبنان في عين العاصفة، وإسقاط سياسات عدم الانخراط في الحرب التي يشنها الحزب على الشعب السوري، وتوسعة للغطاء السياسي لجريمته، ستنضم إليه من الآن فصاعداً أطرافٌ ناهضت سياساته السورية، واستفزازاً لقوى سورية، اتخذت مواقف غلب عليها ضبط النفس، لكنها لن تتمكّن من مواصلتها، في حال أفاد الحزب من أجواء لبنان الجديدة، لتوسيع جرائمه ضد السوريين إلى لبنان، بغطاءٍ من رئيسٍ لا يتوقف يوماً عن تحريض اللبنانيين ضد اللاجئين، وعن توجية إهاناتٍ لا تحتمل إليهم، إذا لم يحفظ لسانه من رئاسته، فصاعدا لن يسهم موقفه في حماية لبنان، ولن يتمكّن الشيخ سعد، في حال صار رئيساً للحكومة، من كبح التصعيد المؤكد لاعتداءات حزب إيران على اللاجئين، وما قد يترتب على ذلك من تعقيداتٍ لا يحتاج أحدٌ إليها غير إيران وحزبها، واللذان يعتقدان أن غلبة الروس والإيرانيين الظاهرة في سورية لا بد أن تترجم إلى غلبة داخلية في لبنان. ربما كان الشيخ سعد يعتقد أن ملاقاة الحزب في ثمانين بالمائة من الطريق سيجّنب لبنان عقابيلها، لكن جميع الدلائل تشير إلى أن نهج إيران سيكون تصعيدياً وتركيعياً في لبنان، سواء انتصرت في سورية أو فشلت.
لذلك، كان من الضروري ربط مقاومة خطط حزب الله السورية بتوحيد اللبنانيين على برامج يمكن، بمساعدتها، احتواء تفوق الحزب العسكري سياسيا، لكن من قرّر القبول بعون رئيساً غفل عن هذا، واتخذ قراراً أدى إلى إضعاف الصف القريب منه، بما لا يبشر بخير أو يسهم في منع الصراع على سورية والمنطقة من أن يصير مفتوحاً وعنيفاً على لبنان أيضاً.
سيضيف الجنرال عون بعض الشرر إلى نيران الحرب الشرق أوسطية، أضرع إلى الله أن يجنب لبنان لهيبها الذي لن يزيده رئيسٌ بمواصفاته غير استعار وضراوة.
نيسان ـ نشر في 2016-10-30 الساعة 11:33
رأي: ميشيل كيلو مفكر عربي