اتصل بنا
 

الشماغ لا يليق بكل الرؤوس

نيسان ـ نشر في 2015-05-26 الساعة 20:40

نيسان ـ

يحق لنا ونحن فرسان جلد الذات على مدى عقود من الزمن أن نستريح قليلا ونستذكر محطات مضيئة من المجد سطرها الأجداد والآباء والأبناء والأحفاد ، رسموها بأوردة القلوب وفاءً، ومهروها بالدم القاني شهادات فخر عانقت سهيل، عرفها العالم وقدرها حتى العدو انصاع حاني الرأس لاحترامها، وأنكرها بنو قومي وجحدوها، لكني سأبقى أردني الهوى عربي المورد، أنسج أهداب شماغي عناقيد حب وإيثار وفروسية.
يحق لنا ونحن خير من علم أبجدية النخوة في زمن تاهت فيه المروءة أن نسلّط الضوء على بعض من محطات تاريخنا الطويل الحافل بمآثر الخير، والزاخر بمواويل البطولة.
المحطة الأولى :
الزمان؛ عام 1832، والمكان نابلس، الكرك.
حينما أراد محمد علي باشا ضم فلسطين الى مملكته في فترة من فترات ضعف الدولة العثمانية، أرسل ابنه إبراهيم باشا على رأس جيش كبير الى فلسطين، فامتنعت عليه نابلس وقاومه أهلها بقيادة الشيخ قاسم الأحمد مقاومة شديدة، وبعد عناء شديد تمكن من دخولها، ففر الشيخ قاسم الأحمد الى الكرك واستجار بأحد شيوخها وهو الشيخ إبراهيم الضمور فأجاره، ولما علم إبراهيم بوجود الأحمد في الكرك تعقبه وعلى أطراف قلعة الكرك تمكن من اسر ولدي الشيخ إبراهيم الضمور " علي وسيد " وأرسل
إليه يقايضه بخيارين لا ثالث لهما. إما تسليم قاسم الأحمد أو حرق ولديه بالنار .
اجتمع الشيخ إبراهيم الضمور بوجهاء الكرك في القلعة، و قرر الشيخ عدم تسليم قاسم الأسعد قائلا النار ولا العار، وصاحت زوجة الشيخ وأم الأولاد الشيخة علياء العقول الغساسنة :" حنا ما تعودنا نسلم الدخيل ... في الأولاد ولا في البلاد يا شيخ، الأولاد فيهم عوض، أما الشرف والنوماس ما له عوض".
نادى الشيخ إبراهيم الضمور في الناس اجمعوا لي رزمة حطب واقذفوها بين يديه وقولوا له : لا إبراهيم الضمور ولا الكركيون من يسلمون الدخيل".
كلمات أججت الغضب في قلب إبراهيم باشا فأوقدوا نارا لهيبها في السماء وقذفوا بها الشقيقين؛ علي ثم سيد على مرأى من الوالدين المفجوعين، مع تعالي صيحات الشيخ إبراهيم الضمور النار ولا العار يا علياء .
المحطة الثانية :
الزمان عام 1948 المكان القدس تلة الشيخ جراح
في تلة الشيخ جراح كانت الملحمة بطولية ضد جيش العدو، خاضتها السرية2 من كتيبة الحسين الثانية " أم الشهداء " استشهد فيها 97 من ضباط وضباط صف وجنود السرية من أصل مرتب 108 . وضع لهم الاسرائيليون نصبا تذكاريا على تلة الشيخ جراح كتبوا عليه " هنا قتل 19 جنديا أردنيا بطلا " في حين قتل 185 جنديا إسرائيليا في موقع السرية .
المحطة الثالثة :
الزمان 1967 المكان نابلس مثلث الشهداء
المقدم صالح شويعر قبل الالتحام مع العدو يخاطب جنوده قائلا :"العدو أمامنا، وثأرنا مخبوء منذ عام 1948، ودم شهدائنا أمانة في أعناقنا وعيب علينا إن لم ننتقم لدمنا، من يريد أن ينسحب تحرم عليه الشمغ احمر هدايبها، ومن يريد الشهادة فليمض خلفي لا اله إلا الله محمد رسول الله ، الله اكبر " .
يقول قائد اسرائيلي عقب انتهاء المعركة لرئيس بلدية نابلس، تصدت لنا دبابة وقاتلت بشراسة وفي النهاية تمكنا منها ودمرناها وقتل قائدها، وقد احترمه جنودنا، فاعدوا له قبراً هو ورفاقه ودفنوا فيه بعد أن أدى جنودنا له التحية " ، ولا زال ضريح شهداء وادي التفاح معلما استشهاديا في نابلس، كتب اسف الشاهد، بسم الله الرحمن الرحيم " وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " ، والشهداء هم المقدم صالح شويعر، والملازم1 سليمان الشخانبة، والرقيب1 صياح الفقراء ، والجندي 1 راشد العظامات .
المحطة الرابعة :
الزمان 1968 المكان الكرامة
الملازم خضر شكري يعقوب، ضابط الملاحظة، أرهق العدو لدقة تمرير الإحداثيات، طوق العدو موقعه، فقام بإتلاف السجلات والخرائط لديه ومرر موقعه كهدف لكي يتم تدميره مع قوات العدو، قائلا موقعي محاصر اقصفوه حالاً " .
محطات تشع نورا كقلائد فخر وحبات من لؤلؤ منضود تزين الجبين، وفي جيد الوطن مزيد من حبات اللؤلؤ المنضود، بورك الإنسان الذي يبني مجدا، وحمى الله الوطن من عاديات الزمان .

نيسان ـ نشر في 2015-05-26 الساعة 20:40

الكلمات الأكثر بحثاً