اتصل بنا
 

خطاب الثقة.. بين التسحيج وكيل المديح لأوراق الملك النقاشية

نيسان ـ نشر في 2016-11-17 الساعة 11:43

خطاب الثقة.. بين التسحيج وكيل المديح
نيسان ـ

كتب محمد قبيلات...تقدم رئيس الوزاء الدكتور هاني الملقي ببيان حكومته، صباح أمس الاربعاء، لدى مجلس النواب طالبا الثقة بها، وشمل الخطاب رؤية الحكومة وبرنامجها خلال المرحلة المقبلة، متضمنا الأهداف التي تطمح إلى تحقيقها وفق برامج تنفذه وزاراتها المختلفة.

اللافت؛ أن المجلس النيابي الموقر، ما أن أنها الرئيس تلاوة بيانه، حتى بدأ بالتصفيق، وهو ما استدعى رئيس المجلس عاطف الطراونة إلى أن يطلب من النواب التوقف عن التصفيق، في مشهد يؤشر إلى "ثقة سهلة".

ربما هذه الصورة تدعم ما تُشير إليه التسريبات والتوقعات، بأن الحكومة ستحصل على ثقة سهلة من مجلس النواب، حيث يتنبأ بعض المتابعين بإمكان حصولها على نحو مئة صوت نيابي مانح للثقة.

عودتنا المجالس النيابية على التصويت بقوة دعما للحكومات، وهذا ناتج عن عدم وجود رؤى مخالفة، أو قدرة على طرح برامج بديلة لبرامج الحكومات، والسبب الحقيقي وراء ذلك هو عدم وجود أحزاب قوية تتبنى برامج سيساسية واقتصادية، بناء عليه، توقع مراقبون أن لا تتم أية مناقشات في صلب البرنامج الحكومي، بل إن ما سيتم هو تقديم خطابات تحاكي مطالب محلية لدوائر النواب الانتخابية.

هذا ما سيجري للأسف، في الأغلب، مع العلم أن البرنامج، المفصل الطويل، الذي قدمته الحكومة بالأمس، فيه كثير من النقاط تحتاج مناقشة، وفي مقدمة هذه المواضيع الخلط الذي أبتدِئ به البيان الحكومي؛ الذي أعلن فيه ارتكاز الحكومة على الأوراق النقاشية الملكية، والعمل على تنفيذها! علما بأنها أوراق نقاشية؛ أي انها ما زالت مطروحة للنقاش ولم ترتقِ بعد لتصبح تشريعا أو قانونا.

فلو أراد صاحب القرار أن يصدر أوامر وفرامانات لَما سمّاها نقاشية، ولَما طُرحت فاتحة لنقاش وطني موسّع يهدف إلى مشاركة أوسع في صياغة المرحلة المقبلة، لكن بيان الحكومة، للأسف، انزلق إلى مستويات التسحيج وكيل المديح للأوراق النقاشية كمسلمات ومبادئ تسير عليها الدولة عوضا عن الدستور.

أما فيما يتعلق بالشق الاقتصادي؛ فلقد أظهر الخطاب عزم الحكومة على تقليصِ نسبةِ إجمالي الدينِ العام إلى الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ الذي ارتفعَ من (70,7%) عام 2011م، إلى (93,4%) عام 2015م، لتصبح (77%) في عام 2021م، ولا أحد يعرف كيف سيتم ذلك في الأربعة أعوام المقبلة، والخوف من أن الأرقام ستقفز إلى مستويات خطرة.

حسابات المديونية لم تشمل كلف المفاعل النووي التي قد تبلغ نحو 10 مليارات دولار أمريكي، التي من المؤكد أن الحكومة ستوفرها عن طريق الاقتراض، كما أن عجز الموازنة السنوي في ازدياد، ما يعني أن الحكومة ستكون مضطرة إلى اقتراض- إن استطاعت- نحو 8 مليارات لسد العجز في عمرها المفترض الذي قد يعايش مجلس النواب، كما أن لدى الحكومة مشروعات جبارة في قطاع الخدمات، حسب ما طرحته في بيانها، تتعلق بانشاء سكة حديد وصيانة للبنية التحتية، وهذا يحتاج أيضا لأموال طائلة قد تقفز، مع ما ذكرناه أعلاه، بنسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات خطرة، قد تتجاوز 120%.

أما في مجال التعليم، فإن هذه الحكومة محافظة، برغم انها "منفتحة" وتنفذ برامج الليبراليين الاقتصادية.

قالت الحكومة في بيانها بأنها ستعمل على " تطويرِ المناهجِ بما ينسجمُ مع قيمِنا الدينيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ وموروثِنا الحضاريّ، بما يعكسُ تنوّعَ المجتمعِ وقيمه الحقيقيّة وعاداتِه الأصيلة، ضمن أطر علميّةٍ ولجان متخصّصة. وأودّ التأكيد هنا، أنَّ عمليّةَ تطويرِ المناهجِ هي عمليّةٌ مستمرّةٌ وضروريّةٌ لا رجعة عنها، ولن تستهدفَ المحتوى الدينيَّ أو تمسَّ الثوابتَ الوطنيّةَ والقوميّةَ التي جُبِلنا عليها كأردنيّين".

لا تُخفي تلك العبارة نوايا الحكومة بعدم تطوير المناهج بما يدعم خلق عقل أردني نقدي تحليلي يمتلك مهارات التفكير والابداع، وليس حافظا للمعلومات ولا محافظا ومراعيا للقيود التي نتجت عن أدلجة المناهج.

هذه قراءة أولية لبرنامج الحكومة الذي سيبدأ النواب بمناقشته اليوم، وسيمنحون الثقة للحكومة على أساسه، وهذا دليل يُظهر أن العملية السياسية في بلدنا ما زالت تحتاج إلى الكثير من المراجعة والتدقيق والشفافية.

نيسان ـ نشر في 2016-11-17 الساعة 11:43

الكلمات الأكثر بحثاً