اتصل بنا
 

أطروحة جامعية تضيء (مرحلة مظلمة) من تاريخ مدينة مراكش

نيسان ـ هسبريس ـ نشر في 2016-11-23 الساعة 12:13

x
نيسان ـ

سلط الباحث عبد الخالق كلاب الضوء على فترة مظلمة من تاريخ مراكش وأحوازها، وتحديدا المدة الزمنية بين 1269 و1524م؛ وذلك ضمن أطروحة قدمها مؤخرا لنيل شهادة الدكتوراه، وسمها بعنوان "مراكش وأحوازها (668-930هـ/1269-1524م)، إشكالية التراجع العمراني".

الباحث لامس هذه المرحلة من تاريخ المدينة الحمراء من خلال مقاربة تتجاوز السرد التقليدي للأحداث إلى البحث في متغيراتها وأسبابها، والكشف عن آثارها في الواقع السياسي، وفي مختلف مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية بمراكش وأنحائها.

ورغم ندرة المصادر، وتجافي الباحثين عن خوض غمار البحث فيه، استطاع الباحث التوصل إلى خلاصات همت المجال، والإنسان، والتاريخ، والعمران. فعلى مستوى المجال، أثار الباحث الانتباه إلى ضرورة إعادة النظر في حدود "حوز مراكش"؛ "لأن المفهوم المتداول مفهوم جغرافي ثابت الحدود، وغير نابع من النصوص التاريخية".

ويشرح صاحب الأطروحة أن حوز مراكش يشمل المجالات التي تقع في حيازة مراكش وتحت نفوذها، وبذلك فمجاله يتغير بحسب قوة السلطة الحضرية، وذلك بخلاف الدراسات التي تحصر مجال حوز مراكش في المنطقة الممتدة من الأطلس الكبير إلى الجبيلات.

أما على المستوى البشري، فتوصلت الأطروحة الجامعية إلى أن تأسيس مراكش في وسط تحيط به مصمودة خطأ دعا السلطة الحاكمة إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات لضمان استمرار المدينة، منها تنظيم هجرات سكانية، بهدف خلق توازن بشري يدعم السلطة الحاكمة بالمدينة ويقويها.

وأشار الباحث إلى أن هذه الإجراءات باءت بالفشل، لتبقى الكلمة الفصل لعصبية مصمودة صاحبة المجال، لذلك شاركت في جميع لحظات تاريخ مراكش؛ إذ أسقطت الدولة المرابطية، واجتثت العنصر الصنهاجي من المجال، وأقامت دولة تحت سلطان عصبيتها، كما ظلت مناوئة للوجود المريني، مقتنصة لفترات ضعفه.

وسجل الباحث غياب نخبة حضرية قوية قادرة على التحكم في زمام الأمور بمراكش؛ وذلك عكس مدينة فاس التي نشأت بها نخبة حضرية قادرة على تسيير أمور المدينة، والوقوف في وجه القوى الطامحة في الوثوب عليها، الأمر الذي جعل مصير مراكش في يد قبائلها لا في زمام نخبها.

أما بخصوص تاريخ مراكش السياسي، فتمكن الباحث من جمع روايات متفرقة في مصادر شتى، وقام بتبويبها، فتبين له أن تاريخ مراكش مر بثلاث مراحل متباينة؛ اتسمت المرحلة الأولى بالدور المركزي الذي لعبته مراكش خلال عهد المرابطين والموحدين. أما المرحلة الثانية فشكلت فيها مراكش مقر ولاية.

المرحلة الثالثة تميزت بتكوين إمارة شبه مستقلة عن الدولة المرينية بتزكية من وزراء الدولة وسلاطينها، وقد لجأ المرينيون إلى هذا الشكل من التدبير بسبب ضعف دولتهم، وعدم قدرتها على ضبط مراكش وأحوازها، وأيضا لقناعتهم بصعوبة إيجاد ولاة يدينون بالولاء التام لها.

وفسر الباحث التراجع العمراني المهول الذي عرفته مراكش وأحوازها بفقدانها لدورها المركزي بانتقال العاصمة إلى مدينة فاس، وتحول الثقل السياسي إلى حوض البحر الأبيض المتوسط، بسبب قيام دولة الحفصيين بتونس وبنو عبد الواد بتلمسان، وبنو الأحمر بغرناطة.

ومن العوامل الأخرى، وفق الباحث ذاته، وجود المدينة في وسط بشري معارض لوجودها، وغياب سواد يحميها ويدفع عنها خطر القبائل المتربصة بها والقوى الطامحة إلى السيطرة عليه، وعدم قدرة البيئة المراكشية على إنتاج نخبة حضرية محلية تدبر شؤون الحاضرة في غياب السلطة المركزية.

نيسان ـ هسبريس ـ نشر في 2016-11-23 الساعة 12:13

الكلمات الأكثر بحثاً