اتصل بنا
 

(ملــوخــــــــيّة)

أكاديمي وشاعر أردني

نيسان ـ نشر في 2016-11-23 الساعة 12:34

الربيع العربي والأمل في الإصلاح والتغيير
نيسان ـ

مذ كنتُ صغيرًا وأنا أعشق هذه الطبخة، ولا أدري لهذا التعلّق سببًا، ربّما لأنّ والدتي – حفظها الله – تطهوها بطريقة تشعرك بأنّها طعام الملوك، أو لأنّ تعلّقي باللون الأخضر المرتبط بالربيع جعلني أحبّ كلّ الأعشاب التي تندرج "الملوخيّة" ضمن زمرتها.
وما دمنا نتحدّث عن الربيع بألوانه الأخّاذة المفعمة بالأمل فلا بدّ لنا أنْ نعرّج على ما أُطلق عليه الربيع العربيّ، وكأنّنا هنا نتحدّث عن ثورة كان من الممكن أنْ تغيّر أيديلوجيّات تلك الدول التي كانت قابعة تحت سطوة الدكتاتوريّة والتسلّطيّة التي أرهقت الشعوب ودفعتها إلى الانتفاض والبحث عن الذات.
وليس هذا ببعيد عنّا إذا ما رأينا في ثورتنا على الفساد الحكوميّ التماسًا لربيع يأخذنا نحو امتلاك حكومات واعية قادرة على صناعة المرحلة وفق خطط مدروسة بعيدة عن نظام "الفزعة" الذي كان وما زال سائدًا؛ فما إنْ يقف رئيس حكومة في مجلس النوّاب خطيبًا حتّى يبدأ بعزف سيمفونيّة الإصلاح المزعوم أمام جمع من البشر أُطلق عليهم جزافًا تسمية "نوّاب" على اعتبار أنّهم ممثّلون للشعب بكافّة أطيافه، معبّرون عن همومه وطموحاته التي بدأت تتلاشى في ظلّ الخيبات المتلاحقة التي عصفت وتعصف بنا.
وكالعادة وقف رئيس الحكومة خطيبًا في حضرة المجلس الثامنَ عشر وملءُ فيه عبارات طنّانة عن الأردنّ الذي نريد، أردنّ ينعم بالرخاء المتمثّل في استغلال الخيرات المتاحة واسترداد الخيرات المنهوبة بحجّة أو بدون حجّة، ولم يكن ينقص ذلك الخطاب العاطفيّ إلّا جوقة ترافقه لتثير الدموع التي احتبست في المآقي وتحشرجت ثورة في الصدور.
حتّى إذا جاء وقت الردّ اشرأبّت قلوبنا قبل عيوننا وآذاننا في انتظار تلك الردود التي ستبعد دولته عن خطابه العاطفيّ وتعيده إلى جادّة العقل مطالبة بخطط عمليّة مدروسة، لكنّ ذلك الردّ لم يستطع التمرّد على الإيقاع الرتيب لدولته فجاء وكأنّه ترديد لما قال ولكن بعبارات أكثر عاطفيّة وأبعد عن العقل، وكأنّنا شعب طَروب ألِف الغناء وأخذ يبحث عمّن يغنّي له ويعزف على أوتار قلبه المتهالك وسط ازدحام المحن.
وعودًا على ذي بدء فقد تبيّن أنّ "الملوخيّة" ليست مجرّد نبتة تؤكل بل هي أفيون يُلجم العقول ويثير المشاعر لتطير في الخيال بعيدًا عن منطق العقل الذي كان من الممكن أن يفرض نفسه على المرحلة القادمة ليُعيد السياسة إلى جادّتها.

نيسان ـ نشر في 2016-11-23 الساعة 12:34


رأي: بكر السواعدة أكاديمي وشاعر أردني

الكلمات الأكثر بحثاً