اتصل بنا
 

باحثون يحللون اسباب الطلاق المبكر

نيسان ـ نشر في 2016-11-27 الساعة 10:38

x
نيسان ـ

ادركت الصيدلانية سعاد متأخرا ان الحوار بينها وبين زوجها 'فارس احلامها' غير مجد.. فزوجها لا يبدي أية رغبة في العمل واهتماماته تختلف عن اهتماماتها.

سعاد التي كانت تعاني من مشكلات مع اهلها قالت: ' عزمت على الزواج برغم معارضة الجميع، فزوجي غير متعلم، وحاولت اقامة علاقات طيبة مع اهله.. لكن اختلاف البيئة والمستوى الاجتماعي حالا دون ذلك' .

سعاد التي تنفق على زوجها طوال الوقت قررت طلب الطلاق بعد عام منذ زواجها بالرغم من وجود طفل..

وفي الوقت الذي اشارت فيه العديد من الاحصاءات الى ان الطلاق المبكر اصبح يشكل ظاهرة في كثير من المجتمعات العربية اكد عدد من المعنيين في الاردن تزايد حالات الطلاق المبكر بعد مرور أعوام عديدة على الزواج.

وبالرغم من صعوبة الوصول الى نسبة محددة حول الطلاق المبكر بعد الدخول بسبب صعوبة متابعة حالات الدخول بعد عقد القران في المملكة.. الا ان سجلات دائرة قاضي القضاة رصدت اكثر من 480 حالة زواج وطلاق في عام 2005 أي ان التقاء الزوجين في عش الزوجية وتحت سقف واحد لم يستمر اكثر من بضعة اشهر او بضعة اسابيع .

يشار الى ان مجموع حالات الطلاق بعد الدخول عام 2005 وصلت الى 239 حالة في محافظة العاصمة فقط وباقي الحالات تم رصدها في المحافظات الاخرى .

الباحث الاسلامي استاذ الشريعة الاسلامية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حمدي مراد اكد ان الطلاق المبكر بعد الدخول اصبح شبه ظاهرة في مجتمعنا خاصة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين.. واعزا اسبابه الى عدم المسؤولية التي يتصف بها بعض ابناء الجيل المعاصر بالدرجة الاولى .

واشار الى انه حتى الان لا يوجد نظام اجتماعي بديل للنظام التقليدي السابق الذي وصفه ــ برغم سلبياته ــ انه يمتلك صمامات امان اكثر من وقتنا الحالي .

وقال لوكالة الانباء الاردنية 'بتنا نعيش في فراغ اجتماعي وتربوي وترك الامر للجيل الصاعد الذي وصفه بانه جيل مزاجي يغير ما له وما عليه في اي وقت يشاء من دون ادنى مسؤولية'.

واوضح ان الاستعجال وعدم فهم الاخر كما يجب وحب الذات من العوامل التي تزيد من احتمالية وقوع الطلاق المبكر بعد الدخول.

واعتبر غياب الثقافة الجنسية الصحيحة من الاسباب التي تأتي في المرتبة الثانية مشيرا الى ان الاسباب الخفية التي تكون وراء مطالبة العديد من النساء بالطلاق تعود الى علاقة جنسية غير متوازنة .

وبين ان 10 % - 15% من حالات الزواج يكون الدافع وراءها الهروب من واقع اجتماعي واسري قاس .

واشار مراد الى عدد من النصائح للمقبلين على الزواج من بينها عدم اعتبار الرغبة الجنسية فقط هي العامل الاساس للزواج وتأكيد ان الزواج هو مشروع اقامة اسرة لها مستقبلها الطويل ومساهمتها الايجابية في المجتمع والايمان بان الزواج هو جزء من عبادة الله سبحانه وتعالى .

واكد اهمية التلاقي الاجتماعي والتوافق بين الاسرتين .. وشدد على ضرورة ان يدرك كل طرف بان الحياة الزوجية مشتركة ومتساوية بينه وبين شريكه في الحقوق والواجبات خلافا للعادات والتقاليد الجارية في مجتمعنا كأن يتقاسم الزوج اعباء تنظيف المنزل مع زوجته خاصة اذا كانت الزوجة امرأة عاملة .

'يبدو ان الناس اصبح لديهم جرأة اكبر في اتخاذ القرارات المصيرية مثل الطلاق' بهذه العبارة بدأ اختصاصي طب النفس الدكتور محمد حباشنة حديثه لوكالة الانباء الاردنية مبينا ان اخر الاحصاءات العالمية اشارت الى ان احد اعلى نسب الطلاق في العالم كانت تسجل بعد سنتين من الزواج .

وربط حباشنة حالات الطلاق المبكر في الفترة الاولى من الزواج بتغيير ديناميكية الاسرة الاردنية موضحا ان المجتمع الاردني يمر حاليا ضمن مرحلة انتقالية اجتماعيا وثقافيا .

واعزا اسباب الطلاق المبكر الى ضعف عملية التواصل الانساني لافتا الى ان نسبة تحملنا ومدى استثمارنا في العلاقات الزوجية اصبح اقل مؤكدا ان الناس في معظم الاحيان اصبحوا يلجأون الى مبدأ البعد عن الالم بصورة اسرع .

واشار الى ان الزوجين في المرحلة الاولى من الزواج يحتاجان الى مساحة من الوقت يستطيعان من خلالها الوصول الى نقطة وسط تجمع بين ارائهم وتوجهاتهم واهتماماتهم المختلفة .

وأاكد ان كثيرا من الازواج في فترة الخِطبة لا يكشفون عن انفسهم بشكل مناسب ويتمثلون صفات اقرب الى المثالية منها الى الواقع .. وتأتي المفأجاة حسب تعبيره عندما يصبح الزوجان تحت سقف واحد .

واعتبر حباشنة ان العامل الذي ياتي في المرتبة الثالثة هو سوء الاختيار مبينا ان الانجذاب البيولوجي بعيدا عن الاخذ بالصفات الاخرى المهمة مثل تقارب المستوى التعليمي والاهتمامات الثقافية والتقارب البيئي وغيرها يوفر ارضية خصبة لخلافات قد تؤدي الى الطلاق .

اختصاصية الاستشارات الاسرية الدكتورة نجوى عارف اكدت ان المختصين في شؤون الاسرة اجمعوا على ان الطلاق في مجتمعنا بعد ممارسة الحياة الزوجية يتزايد خلال السنة الاولى من الزواج .

واشارت الى ان من اهم اسباب الطلاق المبكر الديون التي تثقل كاهل الزوجين في السنة الاولى لافتة الى اهتمام اهل الزوجين على حد سواء بالمظاهر الاجتماعية في اغلب الاحيان وتشمل البيت والاثاث وحفلة العرس.. وغيرها مؤكدة اهمية دور العروس التي لا تعفى من المسؤولية في هذا الموضوع .

واوضحت عارف ان من اهم الاسباب التي تأتي في الدرجة الثانية هي تدخل الاهل في السنة الاولى من الزواج مشيرة الى ان قلة الخبرة لدى الزوجين في الحياة الزوجية يدفع احدهما او كلاهما الى عرض اول مشكلة تصادفهما على الاسرة وان بعض العائلات لا تتصف بالحيادية وتعطي نصائح في كثير من الاحيان تزيد من تضخيم المشكلة .

ونوهت الى ان الام غالبا تقدم نصائحها بناء على تجربتها الشخصية غير اخذة بالاعتبار اختلاف الفترة الزمنية والاشخاص وعوامل اخرى مثل العمر والمستوى العلمي.

وحول عوامل اخرى تقف وراء قرار الطلاق في السنة الاولى من الزواج تشير الى الزواج المبكر والمتأخر على حد سواء مؤكدة انه في الزواج المتاخر للرجل والمرأة يصبح من الصعب عليهما في حالة الارتباط والزواج تقبل النقد او التأقلم على نمط جديد ويصبح التنازل صعبا.

وتؤكد عارف ان قرار الزواج يجب ان يرتبط برغبة حقيقية نابعة من الشخص ذاته ولا يكون ارضاء للاخرين او تحت ضغط من الام او المجتمع المحيط .

واشار استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين الى ان الرقم المدون في سجلات دائرة قاضي القضاة عام 2005 لا يشكل في اغلب الاحيان الرقم الحقيقي موضحا ان هناك العديد من حالات عدم التوافق والانفصال الفعلي بين الزوجين في الفترة الاولى بعد الدخول لا تصل الى السجلات الرسمية معرفا هذه الحالات بالطلاق غير المعلن .

وربط محادين ذلك بعدة اعتبارات اهمها العلاقات القرابية مؤكدا انه بالرغم من ارتفاع نسب التعليم في المجتمع الاردني الا ان العلاقات القائمة على رابطة الدم كجزء من المنظومة الاجتماعية لا تسمح بقيام حالات طلاق مثل زواج ابناء العمومة على سبيل المثال لافتا الى ان هذه العلاقات في المجتمع الاردني بجذوره العشائرية تعتبر واحدة من ادوات الضبط الاجتماعي الداخلي للعشيرة .

وحول ارتفاع نسبة الطلاق المبكر الى النصف من مجموع الحالات المسجلة عام 2005 في العاصمة عمان اشار الى ان المدن والعاصمة بشكل خاص يغلب عليها ايقاع الحياة السريع اضافة الى الجوانب المصلحية التي تحدد العلاقات الزوجية في كثير من الاحيان سواء الجوانب المادية مثل الفارق الاقتصادي او الجوانب المعنوية من حيث المكانة الوظيفية لاي من الزوجين.

وقال ان سيادة القيم الفردية وضعف التأثير الديني في سلوكات الزوجين في بعض الاحيان في المدن الكبرى يؤثر سلبا في نجاح العلاقة الزوجية .

ووصف العلاقات الزوجية في الريف بانها علاقات متجانسة تقوم على اساس وجاهي يربط الزوجين فيها غالبا برابطة الدم والقرابة كذلك تجمعهم صفات مشتركة مثل سيادة القيم الجماعية وتقديس الاسرة واهمية الدور العائلي ما يقلص فرص اتخاذ قرارات مثل قرار الطلاق .

نيسان ـ نشر في 2016-11-27 الساعة 10:38

الكلمات الأكثر بحثاً