اتصل بنا
 

المِلَل والدول

كاتب لبناني

نيسان ـ نشر في 2016-11-27 الساعة 10:58

بناء دولة وطنية في المشرق العربي يعيد نفسه بأوجه مختلفة، وتتغطى الأنظمة العشائرية والطائفية بغطاء الدولة الوطنية، وتبين حقيقة الحكام القوميين والعلمانيين والثوريين كزعماء عشائر، ومأزق جديد للوهم الذي أورثه الاتحاديون لمصطفى كمال أتاتورك عن إمكان بناء دولة وطنية تفرض هوية ثقافية وسياسية مشتركة ومتجانسة بقوة مؤسسات القسر والإكراه. وكلما اقتربنا من تسوية كبرى تقوم على التفاوض والاعتراف المتبادل والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، كلما كانت الانتكاسة إلى الاقتتال الأهلي والعنف الطائفي والمذهبي والقم
نيسان ـ

منذ حوالى القرن يدور المشرق العربي في حلقة مفرغة من التجارب المتناسلة والمتداخلة تداخل الأفاعي في سلة الحاوي. تتغطى الأنظمة العشائرية والطائفية بغطاء الدولة الوطنية الذي سرعان ما تُظهر ثقوبه عورات الحكام «القوميين» و «العلمانيين» و «الثوريين» وتبين حقيقتهم كزعماء عشائر لم يتخلوا قيد شعرة عن ولاءاتهم ومشاعرهم ومصالحهم التي حملوها إلى قصورهم الجمهورية من أرياف أنهكها الفقر والاستغلال والجهل.

وكلما ظننا أننا اقتربنا خطوة من تسوية كبرى تقوم على التفاوض والاعتراف المتبادل والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، سواء في المشرق العربي أو فلسطين أو تركيا، كلما كانت الانتكاسة إلى الاقتتال الأهلي والعنف الطائفي والمذهبي والقمع السلطوي أعمق وأخطر وفاتحة لتدخلات أجنبية أكثر وقاحة، على ما نشهد في العراق وسورية ولبنان واليمن.

نادرة البدايات الواعدة لمحاولات التغيير في العالم العربي التي انقلبت استحواذاً عنيفاً ودموياً على السلطة وحوّلت وعود العدالة وإحقاق الحقوق وتحرير فلسطين إلى أدوات لتعميق الانقسامات الطائفية والجهوية والطبقية. الفشل العميق في إقامة دولة في أي من بلدان المشرق العربي واستحالة العودة إلى نظام ملل محسّن ومعدل، على ما حاول لبنان في اتفاق الطائف ووصل بمحاولته إلى الطريق المسدود الحالي، يضع المعنيين بالشأن العام أمام سؤال الجدوى والمعنى من وجودهم أولاً، وسؤال الأهداف والمشاريع التي يخدمون وما إذا كانوا يؤدون دور «الغبي المفيد» في بلاطات القوى الطائفية والمذهبية القابضة على أرواح شعوب هذه المنطقة./p p style='font-size: 21px; font-family: ';'>لا تحمل الديموقراطية الطمأنينة إلى الأقليات المذعورة التي لا تأمن من غدر الأكثرية – وكل أكثرية عندنا دينية وليست أكثرية سياسية خلافاً لرغبات الديموقراطيين- ولا تنال دعوات العلمانية، حتى بحدها الأدنى، تأييد مجتمعات يشكل التدين أحد أشكال وعيها الأوسع تأثيراً، في حين أن الفيديرالية مرذولة باعتبارها استسلاماً أمام مشاريع تفتيت المنطقة (الموحدة جداً حالياً؟!).

العراقي تشريع القوى الرديفة، «الحشد الشعبي»، كأنه يقول إن تأبيد الحروب الأهلية الطائفية والمذهبية وتدمير هذه المجتمعات حتى أساساتها، هو الطريق الوحيد المتاح./p p style='font-size: 21px; font-family: ';'>الحياة

نيسان ـ نشر في 2016-11-27 الساعة 10:58


رأي: حسام عيتاني كاتب لبناني

الكلمات الأكثر بحثاً