تحالف الديناصورات.. (الجعير) وحده لا يحيل الخيال واقعا
نيسان ـ نشر في 2016-11-27 الساعة 18:22
بقلم محمد قبيلات
في بلد العجائب ليس أسهل من أن ترى الخيال واقعا.
مثل أن تفتح عينيك الغداة فترى الديناصورات وقد أفاقت من بياتها الطويل، وتسلخت من كونها مستحثات مدفونة في طبقات الأرض السفلى، وتخلّقت على هيئة كائنات حية عملاقة تتجول في الأنحاء، والناس يراقبونها بذهول وكأن ألسنتهم تقول: سبحان الله كيف استفاقت من غفوتها بعد كل مالبثت في سباتها العميق! وكيف دبّت الحياة في أوصالها؛ لتنقل كل ما لها من أطراف مترامية، ولتتمكن من اصدار كل هذا الزئير والجعير!
لكن؛ ماذا تريد الديناصورات وما غايتها من إحداث كل هذه الجلبة؟!
المكتوب يقرأ من عنوانه، فما خروجها على هذا النحو إلا احتجاجا، لا بد أن أمرا ما أزعجها، وأقلق سباتها، لكن كيف وهي تقبع معزولة في الطبقات السفلى، وتحوصلت بأكلاسها غير آبهة بكل ما مرّ عليها من أعاصير وبراكين وزلازل!
ما الذي أزعجها؟ ما الذي جعلها تفيق بعد طول منام؟
يقول واحد ممن دفعهم فضولهم للاقتراب من الحشد الديناصوري، أنه سمع كبير الديناصورات يتحدث عن شرعة العصر الديفوني الأول، ويطالب بإعادة تطبيق قواعد ومبادئ مشاعية المناصب الأولى، التي كانت المناصب والمنافع فيها توزع على كبار الديناصورات التي كانت ملوكا للغابات والفلوات بحكم كبر الحجم.
بعض العدميين والعبثيين 'البطّالين' من سكان الأحياء البعيدة أيّد حركة دنصرة البلاد، وقال إن شرعة الديناصورات صالحة لكل زمان ومكان، وأن أكبر إعجاز أنها خرجت حيّة بعد كل هذا الموات، وها هي تقاوم الهرم وتطالب بحقوقها المكتسبة.
أما المناضل الأوحد الفرد الصمد الذي يعتقد أن ليس مثله بشر، فقد التحق بالديناصورات وأراد أن يقدم لها خدمة مقابل ما يطمح إليه من منافع، فقد كتب بيان بلغة العصر وحشاه بالمطالب الدستورية وقال لهم: يا معشر الديناصورات! لن تنفعكم الهمهمة والجعجعة، لا بد أن تتحدثوا بلغة العصر، فهذا بيان للناس نطالب فيه وإياكم بعودة دستور 1952 ، وبهذا ستفوّتون على المتربصين اعتباركم أعداء للأمة وباحثين عن منافع خاصة.
وكانت المفاجأة الصاعقة بأن وافقت الديناصورات، بل واتصلت زعاماتها بديناصورات أخرى من شتى الأصول والمنابت، وشكلوا جميعا تكتلا عريضا راح يدور في الحارات والمدن المجاورة يحشدون التأييد للمسيرة الديناصورية العظمى، ويوقعون عريضة بمطالبهم.
طبعا لا بد من بعض الخلافات والاختلافات في وجهات النظر، فهناك من الديناصورات من احتجَّ على دخول هذا النرجسي الأفاق- حسب حدسهم- إلى حلفهم، لكن كبير الديناصورات سرعان ما أطفأ المخاوف بتأكيده لهم 'أنه يعرفه جيدا'. فهو لم يكمل مشوارا في حياته، وأردف الديناصور الضخم نحن بحاجة للتحالف معه فأجسادنا الضخمة ليس من السهل عليها أن تدخل الزنقات الضيقة في الحارات، فسكتت الأصوات المعارضة أمام هذه الحجة القوية.
وواصلت الديناصورات مسيرتها الطامحة بالعودة إلى الحياة يحدوها الأمل أن تغادر عوالم الانقراض نهائيا.


