اتصل بنا
 

طلائع الفلول المصرية

نيسان ـ نشر في 2016-11-28 الساعة 11:12

تأخر مصر في الانضمام لمحور الدعم السوري، وتغيّر مواقفها بعد تولي السيسي الحكم، وتنسيق أمني وسياسي بين النظامين السوري والمصري، وكشف عن مشاركة مباشرة لطيارين مصريين في الحرب السورية. ومفهوم الفلول يرمز للمتمسكين بالوضع السائد في المنطقة العربية والخائفين من التغيير.
نيسان ـ

تأخرت مصر كثيراً في خطوتها هذه، ولمفهوم 'الفلول' الذي رافق الثورة المصرية، منذ نجاحها في مطلع العام 2011 في إطاحة الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، معانيه ودلالاته السورية، فقد جرى استخدامه على نطاق واسع شعبياً وإعلامياً وسياسياً، للتدليل على نموذجٍ من المتمسكين بالوضع السائد في عموم المنطقة العربية، والخائفين من أي تغييرٍ يمكن أن يحصل في النظام العربي القديم، والتسميات لهؤلاء متعدّدة ومتنوعة، في مقدمتها بلطجية مصر وشبيحة سورية، ويمتدون على عدة دول عربية، ويمثلون، في النهاية، وجهاً آخر لتنظيمي داعش والقاعدة، من حيث تمسكهم بالماضي، ورفضهم أي جديد.
وبعد إطاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي، وبدء الحملة الكبرى لملاحقة 'الإخوان المسلمين'، وتصفيتهم في مصر وبقية المنطقة، وتولي عبد الفتاح السيسي الحكم في مصر، بدأ التقاء بين الحكم العسكري في مصر وبقية الأنظمة التقليدية في المنطقة، وبدأت مواقف مصر تتغير من الأحداث في سورية. وأعلن، قبل أسابيع، عن زيارة قام بها رئيس الأمن الوطني السوري، علي مملوك، للقاهرة، وعن تنسيق أمني وسياسي يجري التحضير له على مستوى عالٍ بين النظامين السري والمصري.
وكانت مواقف بالعموم تقترب شيئاً فشيئاً من موقف النظام السوري والمحور الروسي، وجاء تتويجها، قبل أيامٍ، بالكشف عن مشاركة مباشرة لطيارين مصريين في الحرب السورية، وإنْ لم يعلن، حتى الآن، عن مشاركتهم بالمباشرة بالعمليات، والتي ربما تكون قد حدثت، ولم يتم الإعلان عنها، وربما تكون قيد التحضير، وستنطلق على نطاق واسع كما حدث من قبل في ثلاث تجارب من هذا النوع، بدأت بتسريب أنباءٍ غير مؤكدة عن مشاركة مباشرة لحزب الله في العمليات العسكرية، ثم اعترافات خجولة بأن هناك خبراء، قبل أن نصل إلى مرحلة يستطيع فيها حزب الله أن يقيم عرضاً عسكريا في مدينة سورية، من دون أي حضور رسمي سوري، وكأن المنطقة التي جرى فيه العرض (القصير) تابعة بشكل كامل للحزب.
كانت التجربة الثانية بشأن مشاركة الإيرانيين في الحرب بشكل مباشر، جرى الإعلان وقتها أن هناك مجموعة من الخبراء يقدّمون خبرات استشارية لقيادة الجيش السوري، ثم وخلال أشهر صار هناك قوات قوامها مقاتلون سوريون، وقيادتها إيرانية بالكامل، ثم قوات من جنسيات مختلفة، يدربها ويمولها ويقودها الحرس الثوري الإيراني بشكل كامل ومباشر، حتى وصلنا قبل أيام إلى إعلان إن عدد القتلى الإيرانيين في سورية تجاوزوا الألف.
التجربة الثالثة هي الأكبر والأهم، وهي التجربة الروسية التي بدأت بالطريقة نفسها، مجموعة من الخبراء والمستشارين، ثم خلال أشهر تحولت إلى قواعد بحرية وجوية ومشاركة بالطاقة القصوى في العمليات العسكرية، وأخيراً بدأت تصريحات المسؤولين الروس: 'جئنا لنبقى' و'الوجود الروسي في سورية ثابت وطويل الأمد، حتى لو لم يعجب ذلك أحداً'.
نحن اليوم بصدد تجربة رابعة تسير بالخطوات نفسها، فهناك طيارون مصريون التحقوا بقاعدة حماة الجوية، وإن لم يعلن بعد عن مشاركتهم في العمليات الحربية، فتلك مسألة وقتٍ لا أكثر، ولا يمكن، في حالتهم هذه، القول إنهم خبراء يقدمون خدمات استشارية، فهم، كما تسربت الأخبار، طيارون متخصصون بالطائرات الروسية، لا سيما الحوامات منها، وبالتالي، فالخبراء الأصليون (الروس) موجودون في سورية، ويقدمون للنظام هناك ما يشاء من استشارات، وجاء المصريون ليحاربوا.
وقد تحدث وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، قبل أيام، عن 'قفزة صغيرة تحتاجها العلاقات السورية المصرية لكي تعود إلى طبيعتها'، وأعلن الرئيس المصري 'المشير' عبد الفتاح السيسي عن دعمه الجيش السوري في مواجهة الإرهاب، وقال 'الأولوية الأولى لنا أن ندعم الجيش الوطني على سبيل المثال في ليبيا لفرض السيطرة على الأراضي الليبية، والتعامل مع العناصر المتطرفة وإحداث الاستقرار المطلوب، والكلام نفسه في سورية.. ندعم الجيش السوري وأيضا العراق'.
وبربط ذلك كله بموقف مصر من عملية عاصفة الحزم، وسوء علاقتها مع السعودية ودول الخليج، يصبح واضحاً أيّ محورٍ اختارت مصر لنفسها، وأي أحداثٍ ستحملها لنا الأيام المقبلة، وإلى أين سيؤدي التقاء الفلول.

العربي الجديد

نيسان ـ نشر في 2016-11-28 الساعة 11:12


رأي: علا عباس

الكلمات الأكثر بحثاً