اتصل بنا
 

خسائر الجامعات أكبر من مشاجرة

كاتب وصحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2016-12-05 الساعة 10:01

بين الأدوية! الجامعات الأردنية تعاني من سياسة تضيق على المتفوقين وتسمح للوسطاء والمحسوبية بالسيطرة على نوعية الطلاب، مما يؤدي إلى فوضى وتدهور في جودة التعليم ومخرجاته. الحلول المجدية للمشكلة تصطدم بمصالح كثيرين، والضحية هي المبدعون والأطفال الأذكياء الذين يحرمون من التعليم، والنتيجة الأخطر هي مخرجات هذه المعادلة التعليمية التي تؤثر على جميع القطاعات.
نيسان ـ

لم يستطع احد الموظفين البسطاء ايجاد منحة لابنه الذي حصل على معدل 96% في الثانوية العامة؛ الامر الذي اضطره للدخول في عالم القروض والتسهيلات البنكية، فيما ساهمت اسس اخرى بدخول احد الحاصلين على معدل متدن المنحة ذاتها!

هذا الفارق وهذه اللغة المستخدمة في التعليم الجامعي في بلادنا ادت الى التضييق على المتفوقين، فيما باتت شوارع الجامعة تعج بمئات الطلاب الذين يقضون وقتا طويلا في ملء وقت الفراغ من دون احساس بأهمية المقعد الجامعي الذي منح له من دون تعب.

وبرغم ان الفرق بين الحالتين كبير، الا ان ادارة التعليم الجامعي تكمل المهمة بتغييبها الكامل الأشغال اللامنهجية التي تحض العقل على التفكير، وتزيد من نشاطه الذهني والعقلي.

ولذلك كانت النتائج كارثية، وقد تكون المشاجرات اول نتائجها واقلها خطورة؛ فقد أظهرت إحدى الدراسات الحديثة أن الطلبة المشاركين في هذه المشاجرات جميعهم من الذكور، واغلبهم من ذوي المعدلات المنخفضة، او المتوسطة في امتحان شهادة الدراسة الثانوية، واغلبهم من ذوي المعدلات التراكمية الجامعية المنخفضة، او المتوسطة.

الفوضى التي باتت تسود الجامعات الأردنية تختصر سنين من السياسة المقصودة للدولة في استغلال الجامعات، لكسب المزيد من الجمهور حول بعض المسؤولين على قاعدة الوساطة والمحسوبية.

فقد تسببت هذه السياسة في خلخلة الأساس العلمي في المجتمع الطلابي بشكل مع سبق الاصرار والترصد، وسمحت لهواة «التضخم والانتفاخ» بإحكام قبضتهم على نوعية الطلاب؛ وبالتالي استغلالهم أسوأ استغلال.

وبرغم أن أحداث الجامعة الأردنية سلطت الاضواء على ظاهرة ما زالت؛ تؤرق مضاجع العاملين في قطاع التعليم، ولكنها لم تبحث عن حلول مجدية للقضية لأنها بكل بساطة ستصطدم بمصالح كثيرين ممن يعتبرون المؤسسات التعليمية ميدانا خصبا للوساطة والمحسوبية واظهار النفوذ، متجاهلين أن الخسائر ستكون بمخرجات التعليم التي عانينا منها الأمرَّين.

الضحية في هذه المعادلة التي تنفرد فيها الاردن لا تحسب بالأرقام، وإنما بأعداد المبدعين الذين لا يستطيعون استكمال تعليمهم، وأعداد الأطفال الأذكياء الذين حرموا من التعليم، والنتيجة الأخطر هي مخرجات هذه المعادلة التعليمية التي بتنا نراها في حجم الاخطاء والمصائب في كل القطاعات.

معلمون لا يجيدون التدريس! اطباء لا يعرفون الفرق بين البنسلين والمضادات الحيوية! مهندسون يخطئون في جدول الضرب ..إلخ.

كما ادت هذه السياسة الى هدر نوع آخر من العدالة؛ وهي عدالة الإبداع التي تفتت وانهارت بالكامل بعد ان تحولت بعض الجامعات مع مرور الوقت إلى عِزَبٍ خاصة، وإقطاعيات عائلية، لأشخاص محسوبين على اي شيء، او اي مسؤول، ولكنهم لا يمكن حسابهم على التعليم ولا ينتمون له.

نيسان ـ نشر في 2016-12-05 الساعة 10:01


رأي: محمد المحيسن كاتب وصحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً