اتصل بنا
 

الكرك فاتحة الجنوب

نيسان ـ نشر في 2016-12-15 الساعة 03:04

عزف الجنوب، تاريخ وأهمية الكرك في العالم العربي.
نيسان ـ

يقول عطا الله الحجايا :
' عزفٌ بروحك ليس يهدأ بالكثير من الكلام عزفٌ كاسراب الحمام
عزفٌ يشفُّ ولا يشفُّ ولا يهادن في الغرام
طلُ الجنوب على شفاهك لا يخالطه الرياء
الحزن يسكن في الجنوب ، والليل يسهر في الجنوب
والبحر مد خياله ظلاً باطراف الجنوب
ما للجنوب وقد تفرّق في عروقك كالدماء ، هل كان هذا الحب ماء ؟
كي لا يراه العابرون وقد تدثر بالسماء ، ما كان هذا الحب ماء '.
يا عروسة الجنوب ، يا بوابة الجنوب تعددت الاسماء عبر التاريخ يا كرك ، تارة قيرحارسه وتارة حصن الغراب وتارة كرخا او كركا ، تعددت الاسماء والمعنى واحد القلعة الحصن .
على ابوابها يسجد التاريخ بقرونه السحيقة والوسيطة والحديثة ، فهي بوابة الشام لجزيرة العرب ، فلذا ولدت مؤتة المعركة لتكون اول تباشير الاسلام خارج جزيرة الرمال ، وهي بوابة الشرق لبلاد النيل مصر والنوبة ، فلذا كانت مهدا لسلاطين المماليك ' الظاهر بيبرس وابنيه السعيد والمسعود ، والسلطان الناصر محمد بن قلاوون ، والسلطان برقوق ' ، وهي خط الفاع الاول عن الحرمين الشريفين ، فلذا كانت ديدن صلاح الدين الايوبي حتى أدب ارناط واسياده .
المؤابيون والاشوريون والانباط والرومان والبيزنطيون والغساسنة كانوا هنا ، لكنهم رحلوا ، وبقي العرب ، ورد في صبح الاعشى ان الكرك ' المدينة التي لم يخلق مثلها في البلاد ، والمدينة التي قعدت الجبال على مفارقها ' .
' ارض الهوى العذري ما ارتحلت الا اليها رعشة الهدبِ
والاغنيات الخضر ما نزلت الا على ينبوعها العذبِ
لم يستفق ذو جانح طرب الا بفيء نهارها الطرب ' .
الكرك المدينة التي تسبح بين وادي الموجب الذي طرزت ضفتاه بالمزارع والبساتين ، وبين وادي الحسا ' وادي الحسا ، غنى للسيل اغنية فأجابه الدفلى والطير والبدنُ ، واستيقظت حلل الجنوب ضاحكة ينتابها خجل العذراء لو فطنوا ' ، ' وادي الحسا يا ابو العيون الصراهيد تريحوا من قول هاتوا الروايا ' .
الكرك المدينة التي تشمّخرّ بين الشامخين الضباب المطرز على اعلى شعفه ' افتخر اني من ارضك يالجنوب ديرتي تسوى بلاد برسمها ، كلما نسنس من اقصاها هبوب ينشرح صدري والبي باسمها ' ، وشيحان الاشم ' ان وصلت جبالها صابك شفى من لهيب الصيف تمسي في نعيم ، ان بدت لك شمسها صابك وفى وان بدالك غيمها جاك النسيم ' .
الكرك ، يا معدن الرجال والمحاصيل والحبوب ، يا مستودع الارزاق للعساكر الاسلامية ، يا همزة الوصل بين الشام ومصر وجزيرة العرب ، يا خزانة الاموال العظيمة والذخائر الجسيمة للسلطان الظاهر بيبرس ، يا عاصمة المماليك زمن السلطان احمد بن قلاوون ، يا حاضرة الناصر داوود ، يا ام البلاد الاردنية ، النيابات زمن الولة المملوكية في بلاد الشام ستة كانت احداها الكرك ، وفي زمن السلطان الناصر محمد تم بناء اربعة مجانيق اقر واحد في قلعة دمشق وثلاثة تحمل الى الكرك .
اعود لشاعرنا الجميل عطا الله الحجايا لاردد :
' كم ليلة جئت الجنوب وظل بعضك في الجنوب
كم ليلة سكب الغويُّ دموعه فوق الرمال
يا انت اذ تنسى المسافة بين روحك والجنوب
والدرب حين عبرتها كان السمير هو الجنوب
والخيل حين عقرتها كان الجنوب هو المغير
والسيف حين سللته كان الجنوب هو السفير
حتى الجنوب ما زال يسكن في الجنوب
فاذا شهقت صبابةً كان الجنوب هو الزفير
كان الجنوب صدى لصوتك اذ تفتق بالحداء
كان الجنوب هو النداء
ان الجنوب هو النداء ' .

نيسان ـ نشر في 2016-12-15 الساعة 03:04


رأي: ماهر قطيش

الكلمات الأكثر بحثاً